جاري تحميل ... الفيتشر

مدونة المعافرين في الأرض

إعلان الرئيسية

إعلان في أعلي التدوينة

حوار

يونس نجيب في حديثه مع «الفيتشر»: المثقف يجب أن يكون موسوعي المعرفة والحب نور نرى به الجمال من حولنا

الأديب يونس نجيب
الأديب والطبيب يونس نجيب 

حوار: إسلام كمال

 

ارتبطت مهنة الطب بالأدب على مر العصور، وهناك من جمع بين مهنة الطب وكتابة الأدب، منهم أنطون تشيخوف كاتب القصة الروسي الشهير الذي كان يرى أن الطب زوجته والأدب عشيقته، ويوسف إدريس الذي عندما سُئل لماذا تكتب أجاب حتى أغير العالم، وأحمد خالد توفيق الذي جعل الشباب يقرؤون، كلهم سلكوا طريق الكتابة سواء بجانب الطب أو تركوا الطب وتفرغوا للكتابة، ولمعوا في مجال الأدب وسجلوا أسمائهم بحروف من نور.

 

وفي سابق الزمان كانوا يصفون الطبيب بالحكيم، لأنه كان يصيب قدرا كبيرا من التعليم والمعرفة الموسوعية، وعلى نفس المنوال هناك الطبيب الأديب يونس نجيب، الذي كان يدرس الفلسفة والفقه والتاريخ واللغة بجانب الطب ويجيدهم جميعا، لذلك أمتلك الحكمة في أكثر من مجال، حكمة مصدرها الثقافة الواسعة والمتنوعة، ولهذا نراه ابن الثقافة العربية الخالصة، تلك الثقافة التي تعلي قيمة الحب فوق كل شئ، وله نصيبا وفيرا من دراسة الفكر السياسي، ودراسة التاريخ وحبه، وكان دائما كما يريد هو لا كما يريد له الآخرون، حسبما يكشف الطبيب، الأديب في حواره مع «الفيتشر».

 

الطبيب يونس نجيب
الطبيب والأديب يونس نجيب 


اقرأ أيضًا: تامر عبدالمنعم أفضل راقص في الصعيد في حديثه مع «الفيتشر»: سخروا من فني.. وقالوا لي: «الرقص للحريم»

 

جلسة يومية

 

بعد ظهر كل يوم يجلس الدكتور يونس نجيب خلف مكتبه في عيادته بالمنيا، وبالتحديد في  طريق سكة مدينة «تله» وتستقر أمامه العشرات من ملفات المرضى الذين تضيق بهم غرفة الانتظار بالخارج، لأنه يعتبر من أساطير مهنة الطب في المنيا، جراح ماهر يجمع بين العلم وخبرات سنوات طويلة من الممارسة، يتعامل مع الجميع بود وكأنهم أصدقاء قدامي، لأنه يرى قبل أن يكون طبيب لابد أن يكون إنسانا، ورغم أن تخصص الجراحة من التخصصات الصعبة التي كثيرا ما تكون الخط الفاصل بين حياة المريض ووفاته، ولذلك يطلقوا على الطبيب الجراح في كثير من الأحيان أنه «جزار» ميت القلب، ولكن دكتور يونس يحيا بقلب طفل، قلب أبيض لا تعرف القسوة إليه طريقا، وعلى وجهه ابتسامة قادرة دائما على إذابة الجليد بين المريض والدكتور.

 

محافظة المنيا

 

يونس نجيب من مواليد إحدى قري محافظة المنيا،  كان متفوقا في دراسته، وعرف طريق القراءة والثقافة منذ وقت مبكر، في العاشرة من عمره دخل مكتبة المدرسة، وغرق في قراءة كل كتب المكتبة، واكتشف عالم جديد، عالم ملئ بالحكايات والقصص الممتعة، غادر المدرسة ولم تغادره القراءة، قرأ آلاف الكتب، في أسيوط التي درس في جامعتها الطب كان هناك ثلاث مكتبات للكتب العلمية، كان دائم التردد على مكتبة «الطليعة» في شارع طلعت حرب، ولم يقرأ الكتب العلمية وفقط ولكنه قرأ في الأدب والفلسفة وعلم النفس والتاريخ، لأنه يرى أن المثقف لابد أن يكون موسوعي المعرفة ويعرف شيء عن كل شيء، وأن الطبيب لابد أن يكون على دراية بكل العلوم الإنسانية حتى يستطيع التعامل مع المرضى.

 

أحلام يونس

 

كان أحلامه في فترة الامتياز وما قبلها التخصص في دراسة الأمراض النفسية وحصل على نسخة من كتاب الأمراض النفسية الإكلينيكية للدكتور أحمد عكاشة، بالإضافة لجميع كتب الدكتور عادل صادق، وعندما التقي بزملائه خريجي طب عين شمس العاملين معه في مستشفى المنيا العام، عرف منهم أنهم درسوا طب الأمراض النفسية، ولكن في طب أسيوط وحتى عام 1976م، لم يكن تخصص الأمراض النفسية مدرجا للتدريس ولا يوجد قسم أو عضو هيئة تدريس أو عيادة خارجية خاصة بتخصص من تخصصات الطب الهامة:«فطب أسيوط أعقل من أن تدرس أو تمارس طب المجانين».

 

لم ينس دكتور «يونس» أول عملية أجراها، عندما أوشكت فترة تدريب الجراحة العامة على الانتهاء، في مستشفى المنيا العام، وكان شديد الالتزام وتدرب بقدر مُرضي، فكانت المكافأة أن أسند له إجراء أول عملية جراحية في حياته، عملية تصليح فتق أربي، واشترطت عليه ممرضة العمليات آنذاك أن تأخذ مكافأة مقدارها جنيها وكان مرتبه اثنا عشر جنيها، ووافق، وأجرى العملية الجراحية بكفاءة عالية.

 

كتاب مذكرات طبيب امتياز
كتاب مذكرات طبيب امتياز 


أقرأ أيضًا: محمد رُحيم في حواره مع «الفيتشر»: أكل الدايت موفر.. ومفهوم «اسأل مجرب» ينتج عنه كوارث صحية

 

أطباء لا يعرفون الوسطية

 

بدأ الأمر له مبكرا أن أرباب مهنة الطب لا يعرفون «الوسطية»، ستجد من الأطباء من أضاء، أو توهج، أو احترق، ستجد منهم من تحور حول ذاته وعبدها وسجد لهواه، ومن اتسعت نفسه فأصبحت برحابة الكون فأحب الله وأحب الناس، منهم من عرف الله فخافه واتقاه في عباده، ومنهم من سلك طريق الشيطان، منهم من جمع المال، ومنهم من جمع قلوب الناس، منهم من تعلم وعِلّم وملأ الأرض علما ونورا، ومنهم من جهل وسلك سلوك الدجالين، منهم من مارس التجارة والمال والأعمال، ومنهم من قرض الشعر وكتب القصة والأدب، منهم جبارون وقتله، ومنهم ضحايا ومغلبون على أمرهم، منهم أصحاب الوعي والفهم والإدراك، ومنهم من في غيبوبة، إن طالب الطب قبل الكلية غيره بعدها، شيئا ما يحدث، شيئا ما ينضج أو يحترق.

 

الحب نور

 

للحب مكانة خاصة عند دكتور «يونس» فهو يرى أن الحب نورا نرى به الجمال من حولنا متجليا، هو صفات أهل الجنة لمن أراد واستطاع من الدنيا، وهو جنه الدنيا لمن ذاق وعرف من الناس، وطوفانا ضد البغض، ورسالة غفران مع بعض الناس إلى البعض، الحب سلام، الحب مشاركة، الحب أن يعزف اثنان لحنا واحدا، وكل صورة تأتي من مشكاة واحدة، يقول مولانا  جلال الدين الرومي: «أن تحب البشر يعني أن تحب الله، فكل صور العشق التي تراها بين الناس، تشكل جسرا للعشق الإلهي».

 

 يونس نجيب.. يدين بدين الحب إن توجهت ركائبه فالحب دينه وإيمانه

 

بعد رحلة طويلة وثرية قضاها يونس نجيب بين أروقة المستشفيات وصفحات الكتب قرر أن يكتب سيرته الذاتية «مذكرات طبيب إمتياز» وهي سيرة غاية المتعة، كُتبت بأسلوب روائي سلس ولغة شاعرية، تناولت سيرة الحب والأدب والسياسة في الفترة من عام 1967 وحتى نهاية 1977م، والسيرة الذاتية بنظرة أوسع هي سيرة مصر، لأن حياة الشخص متصلة بالاقتصاد والسياسة والصحة، ولذلك كله سيرة الشخص المعاصر لفترة ما لا تنفصل عن سيرة المكان الذي عاش فيه، تقع سيرة دكتور يونس في مائتين صفحة رغم أنها تتحدث عن فترة خصبة كانت مليئة بالأحداث ولكن لم يمل كاتبها إلى الحشو والثرثرة السقيمة، هي سيرة مركزة ومكثفة ومكتوبة بدقة شديدة وجراءة، مقتنعا مؤلفها بمقولة الكاتب البريطاني جورج أورويل التي تقول: «السيرة التي لا تحتوي على شيئ شائه لا يعول عليها» لأننا ليس كائنات ملائكية والتجربة الإنسانية لا تخلو من بعض الحماقات، لذلك ينقل لنا دكتور «يونس» عبر سيرته معظم جوانب حياته بصدق وتجرد ولا يجعل من نفسه إله، لأنه يرى أن الإنسان يظل يرتكب الحماقات ويتعلم حتى يومه الأخير.

 

 

 

 

الوسوم:

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *