سيدة المخبز.. «المعلمة فتحية» تتحدى التقاليد وترث مهنة زوجها: «رحلة 20 سنة صبر وكفاح»
كتب: إسلام كمال
تستيقظ السيدة
«فتحية» كل يوم بعد آذان الفجر بقليل، تصلي فرضها ثم توقظ بناتها حتى يفطروا ويستعدوا
للذهاب إلى جامعتهن، ترتدي العباءة السوداء التي لم تغير لونها منذ أمد بعيد، وتذهب
إلى المخبز التي ورثته عن زوجها قبل عشرين سنة، بعد أن رحل عنها وهي شابة في
الثلاثينات من عمرها، وترك لها 4 أبناء، عاشت لهم وقررت ألا تتزوج بآخر، فنزلت إلى
الفرن وبين عشية وضحاها أصبحت «المعلمة فتحية».
تركت أنوثتها على
باب منزلها لأنها تعلم تماما أن الحياة مليئة بالذئاب، ولا تريد أن تكون صيد سهل أو
طائر ضعيف بين الجوارح، وقفت بين العمال صلبة صامدة وشرسة إذا لزم الأمر، ولأنها ذكية
ولماحة تعلمت سريعا أسرار الصنعة، حتى صارت من كبار معلمين تلك المهنة، والمرأة الوحيدة
التي تدير مخبز في مجتمع صعيدي يسيطر فيه الرجال على هذا «الكار»، حاربها البعض حتى
لا ينتسب إلى كاره امرأة ويصبح كار النساء، والبعض الآخر عرض عليها الزواج حتى يلم
الزيت على الدقيق وتجلس معززة مكرمة في منزلها تنتظر سبع الرجال، رفضت كل العروض وأعلنت
التحدي والسير قدما في طريقها الذي رسمه لها القدر، خاصة أن العالم لم يكن كله شر،
كان هناك أولاد حلال أيضا وقفوا بجانبها، وفق ما ترويه سيدة المخبز.
اقرأ
أيضًا: تعاهدا على السير معا.. «عم محمد» رفيق
رحلة مرض زوجته ويستغيث لتوفير علاجها: «شايلاني من سنين»
تجيد سيدة المخبز القراءة والكتابة
لم يصيبها من التعليم
إلا لماما، ولكنها تجيد القراءة والكتابة، وهذا ساعدها على إدارة حسابات المخبز بعد
أن تعرضت لأكثر من عميلة نصب من قبل ماسكي الحسابات، وسرعان ما كبر ابنها وصار ظهر
لها في المخبز، شرب الصنعة من والدته التي رفضت أن ينزل المخبز إلا بعد أن ينهي تعليمه،
لأنها ترى العلم نور وأولاد زوجها الراحل ليسوا أقل من أحد.
اقرأ
أيضًا: اسم على مسمى.. «نصرة» تنتصر على ضمور
العضلات وتحقق حلمها في التعليم الجامعي
امرأة بـ 100
رجل
مرت السنوات وزحف
الشيب إلى رأسها، وهي تجلس خلف مكتب خشبي تآكلت بعض أطرافه بحكم السنين، وتتحرك داخل
المخبز بنشاط شابة في العشرين تتابع كيف يجري العمل وتمرر بعض الملاحظات إلى العمال،
عرفت في وسطها بأنها امرأة قوية وبـ 100 رجل، تحملت وعانت وبذلت قصارى جهدها، حتى يستمر
مخبز زوجها مفتوحا واسمه لا يطمسه النسيان، وفتحت بيوت العشرات من العمال الذين يحبونها
ويعتبرونها أمًا لهم.