جاري تحميل ... الفيتشر

مدونة المعافرين في الأرض

إعلان الرئيسية

إعلان في أعلي التدوينة

نجوم

سلمان رشدي ليس الأول وبالتأكيد لن يكون الأخير.. حكايات اغتيال الأدباء لا تنتهي

سلمان رشدي
تقرير: إسلام كمال

 

قبل سنوات وبالتحديد عام 1988 كتب الكاتب البريطاني من أصل هندي سلمان رشدي روايته الشهيرة «آيات شيطانية»، التي صدرت في لندن وبعد أيام من إصدارها تلقى دار النشر الذي طبع الرواية الآلاف من رسائل التهديد والاتصالات التليفونية المطالبة بسحب الرواية من منافذ البيع، وأصدر مرشد الثورة الإيرانية الخميني فتوى بقتل سلمان رشدي إثر نشر روايته التي اُعتبرت مسيئة للإسلام، ووقف الشيخ عمر عبد الرحمن وقتها على منبر مسجد بالفيوم وقال: «لو كنّا قتلنا نجيب محفوظ وقت صدور رواية (أولاد حارتنا) ما كان خرج علينا اليوم سلمان رشدي برواية آيات شيطانية».

 

وكتب الشاعر فاروق جويدة حينها أيضًا قصيدة بعنوان «في زمن الردة والبهات» يقول في مطلعها: «في زمن الردة والبهتان/اكتب ما شئت ولا تخجل فالكفر مباح/ضع ألف صليب وصليب فوق القرآن/وارجم آيات الله ومزقها في كل لسان/لا تخش الله ولا تطلب صفح الرحمن/ فزمان الردة نعرفه زمن العصيان بلا غفران/إن ضل القلب فلا تعجب أن يسكن فيه الشيطان».

 

وتعددت وتنوعت ردود الفعل على استقبال الرواية حتى يومنا هذا رغم أنها الأضعف فنيا من بين أعماله الأخرى ولكنها الأشهر، وهناك من يرى أن الفكرة تواجه بالفكرة والكتابة بالكتابة العقلانية لا التحريضية وبث خطاب الكراهية، وهناك أيضَا من يرى أن لا رد إلا بحمل السلاح.

 

تعرض أول أمس الجمعة الكاتب سلمان رشدي لاعتداء خلال إلقائه محاضرة في نيويورك، واقتحم شخص المنصة وطعن رشدي في عنقه، وذكرت شاهدة عيان أنه أصيب بعدة طعنات وكان «يسبح في بركة من الدماء» بحسب صحيفة نيويورك تايمز، وألقت الشرطة القبض على المهاجم بينما نقل «رشدي» بمروحية لتلقي العلاج، وعلى الفور تناقلت الخبر وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، وصارت مواقع التواصل الإجتماعي ساحة للمناظرات بين مؤيد ومبارك هذا الفعل وبين رافض ومهاجم بضراوة هذا الفكر المتطرف الذي حتما سيقودنا إلى قاع الهاوية.

 

الكاتب سلمان رشدي

طه حسين وعباس العقاد

 

هناك مقولة شهيرة مفادها: «أن التاريخ يعيد نفسه مرتين، مرة على شكل مأساة، ومرة على شكل مهزلة»، ولأن تاريخنا حافل بالمهازل فتعرض سلمان رشدي لمحاولة قتله ليست المحاولة الأولى من نوعها، بينها من نجح ومن فشل وكانت ردود الفعل متباينة ولا تختلف كثيرا عن اليوم، عندما صدر كتاب «في الشعر الجاهلي» تعالت الأصوات بمحاكمة طه حسين ووصل الأمر إلى مجلس النواب الذي كان عباس العقاد آنذاك عضوا به، ورغم الخلافات التي كانت قائمة بين طه حسين والعقاد وقتها ولكن العقاد وقف مدافعا عنه قائلا أن مواجهة الأفكار تكون بالأفكار لا بالزج في السجن وأن يمكنهم تأليف عشرات الكتب يردوا فيها على كتاب طه حسين.

 

فرج جودة

 

وفى 9 يونيو 1992 اغتيل الدكتور فرج فودة على يد عنصرين من الجماعة الإسلامية، فقبل وفاته بخمسة أيام وبالتحديد في 4 يونيو 1992 أصدر علماء الأزهر فتوى بتكفيره، بعد مناظرته الشهيرة في معرض الكتاب 1992 مع الشيخ محمد الغزالي ومحمد عمارة، حيث قام مسلحان منتميان للجماعة الإسلامية يستقلان دراجة نارية بإطلاق الرصاص عليه أمام الجمعية المصرية للتنوير التي أسسها بنفسه، وأثناء المحاكمة سُئل القاتل محمد عبدربه: لماذا اغتلت فرج فودة؟  فقال: «لأنه كافر، فلما سئل من أى من كتبه عرفت أنه كافر؟ فقال: القاتل: أنا لم أقرأ كتبه فأنا لا أقرأ ولا أكتب».

 

نجيب محفوظ

 

وتعرض نجيب محفوظ الروائي والحائز على جائزة نوبل في الآداب لمحاولة اغتيال عام 1994 بينما هو يستقل سيارة بجوار صديقه استعدادا لحضور ندوة أسبوعية، فوجئ محفوظ بشاب يقترب من السيارة ويطعنه بسكين في عنقه وفر هاربا، وانطلق على الفور الصديق بالسيارة إلى أقرب مستشفى واسعفوه، ولكن أثرت الطعنة على يده اليمني التي يكتب بها وكان يجد صعوبة في استخدامها في الكتابة مرة أخرى، اليد التي ارتمي عليها الأديب العالمي باولو كويلو ووصفها بـ «الكنز»، بعدها تم القبض على المتهمين وحكم عليهم بالإعدام، وكانت أبرز أقوالهم أنهم لم يقرأوا لـ «محفوظ» حرفا ولكن شيخهم قال أنه كافر ولابد من قتله لأنه كتب رواية «أولاد حارتنا» التي منحه عليها الغرب الكافر (على حد وصفهم) جائزة نوبل!

 

الإرهاب ظاهرة عالمية متجاوزة للحدود والأزمنة، ظاهرة دموية عمياء لا تفرق بين دين أو جنس، القتل وسفك الدماء هم غايتها الكبرى، وفي الغالب الأعم تكون مدعمة بغطاء ديني أو شرعي محاولة فرض إرادتها ومواقفها بالرصاص، والإرهاب أنواع  منه الفكري أو الأدبى أو حتى الدموي، ولكن جميعهم يبقوا تحت مظلة الإرهاب، سواء حمل الإرهابي سلاحا أو فكرته كانت سلاح، كتب عن الإرهاب مئات الاجتماعيين والأطباء النفسيين حول العالم، في محاولة إلى تفكيك وتحليل شخصية الإرهابي لردها إلى مصدرها والوقوف على دوافعها، ولكن يظل السؤال الأهم قائم.. هل تصمد الكلمة أمام الرصاص؟

 


الوسوم:

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *