سيجموند فرويد ونظرية «التنفيس».. لماذا أصبحت «الكوميكس» الوسيلة الأكثر شهرة للفكاهة؟
الآن ومع انفجار
الثورة التكنولوچية والمعلوماتية وانتشار أجهزة الذكاء الاصطناعي، أصبحت الأجهزة الإلكترونية
هي الوسيلة الأكثر استخداماً للتواصل الاجتماعي، فقد حصر البشر من مختلف الأعمار اليوم
التواصل الاجتماعي على التواصل الإلكتروني عبر المنصات والمواقع، ولم يعد يمكن للإنسان
في الوقت الحالي أن يعبر عن دواخله من مشاعر وانفعالات دون أن يظل مختبئًا خلف الشاشة،
إذ لم يعد للضحك والحزن وجود حقيقي، بل أصبحا مجرد رموزًا تعبيرية تحيل مكان الانفعالات
الصادقة والحية.
في ظل هذه التكنولوچيا
انتشر شكل من أشكال الكوميديا عرف بـ «الكوميكس» والذي يعد أحد أهم وسائل الإضحاك وبعث
الفكاهة بين الناس على مواقع التواصل الاجتماعي في الوقت الراهن، ولكن ترى ما السبب
في كونه الوسيلة الأكثر شهرة للفكاهة الآن؟
اقرأ
أيضًا: السيد الرئيس وهروبه إلى الحرية
بعد أن أقتصر الاتصال
الاجتماعي بين الناس على التواصل الإلكتروني، أصبح الإنسان يعاني من العزلة وسط حشد
العائلة والأصدقاء، فلم يعد يتبادل الحديث والآراء، ولم يعد بإمكانه التعبير عن ذاته،
وأصبحت انفعالاته وأحاسيسه مخبئة طيلة الوقت في أعماقه، إذ أصبح يفضل أن يعبر عن حالته
عبر منشور يكتبه، أو صورة ينشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، معتقدًا أنه بذلك قد
نفس عن مشاعره بالفعل، إلا أنه يظل تنفيسًا وهميًا. تلك العزلة ترتب عليها كبت طاقات
ومشاعر وانفعالات الإنسان، فأصبحت «الكوميكسات» المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي
في الوقت الحالي هى المتنفس الوهمي والوحيد الذي يبعث على الضحك، إذ لم تعد المواقف
الحياتية الواقعية تدفع الإنسان للضحك الآن لأنه لم يعد يتفاعل معها.
اقرأ أيضًا: عن صراع «موليير» ورجال الدين.. كيف جسدت أعمال أحد رواد المسرح الأوروبي معاناته؟
وحسب ما جاء في
نظرية «التنفيس» المتعلقة بالضحك لدى العالم النمساوى «سيجموند فرويد» أن الضحك يحدث
نتيجة للطاقات والعواطف المكبوتة لدى الفرد، وأن هناك علاقة طردية بين المشاعر المكبوتة
والضحك، فكلما زادت الطاقة المكبوتة زاد الضحك، وأصبحت الاستثارة للفكاهة أقوى، فعلى
سبيل المثال: إن كان هناك شخص يعاني من عاطفة الخوف من الإفلاس مثلًا، فقد يصبح «كوميكس»
على «الفيسبوك» متعلق بنكتة حول الإفلاس هو مثير قوى للغاية للضحك، لأنه سيدفع الشخص
إلي تفريغ الطاقة الكابتة للمخاوف الكامنة في داخله، إلا أن أى موقف يتعلق بالإفلاس
على أرض الواقع لن يكون شئ مضحك بالمرة، بل إنه سيزيد من طاقة المخاوف المكبوتة داخل
الفرد، أما عن العالم الافتراضي فهو يخفف من حدة الواقع بالنسبة للفرد، إلا أنه يظل
هروبًا خطيرًا.