خط الصعيد بين الحقيقة والخرافات.. هذا ما نعرفه في الحلقة الأولى من «نعكشة في التاريخ»
ولد محمد محمود منصور في عشرينيات القرن المنصرم، في الصعيد وبالتحديد قرية «درنكة» إحدى قري محافظة أسيوط، كان وسيم أزرق العينين، وكان جده حافظ ومحفظ للقرآن في القرية، كان من أسرة فقيرة وله 4 أشقاء كلهم أولاد، محمد محمود بدأ يتعلم ضرب الرصاص، وبرع في ذلك وسط أقاربه، كان مميز ولا يخطئ الهدف، في وقت كان السلاح فيه منتشر بكثرة بين جموع الشعب المصري وقتها، جريان السلاح في يد المصريين كالماء سواء كبير أو صغير شرطي أو قاطع طريق.
ويرد ذلك إلى مجموعة أسباب،
أولها ثورة 1919، في الثورات لا تبحث عن المنطق كثيرا، هناك آراء وأحداث عشوائية وبلا
منطق أو ترتيب تغير مسار التاريخ بأكمله، وقت الثورة وتصدي الإنجليز للمصريين بـ «غشومية»
وعنف وإجرام أيضا كان لابد من رد فعل وإجرام مرتد، فكان انتشار السلاح في يد المصريين
أمر ضروري، لرد العنف والعدوان، وبدأ ينشط الفدائيين والجماعات المسلحة ضد الإنجليز،
حزب الأمة أو الوفد كان لديه جناح عسكري مسلح، وأختلط الحابل بالنابل، سواء فدائي من
أجل قضية أو لص من أجل القتل وجمع الأموال وفقط.
اقرأ أيضًا: مَا الغريب!.. قصة قصيرة من تأليف شروق
أحمد
استمر هذا الوضع
حتى نهاية الحرب العالمية الثانية، ووقتها ازداد انتشار السلاح، كان السلاح يباع بأبخس
الأسعار، وأي شخص يمكنه امتلاك بندقية أو مسدس أو قنبلة يدوية أو حتى صندوق ديناميت
بقروش معدودة، في وقت قلت فيه السلع الغذائية وارتفعت أسعارها، محمد كان قد كبر في
هذا الوقت وأصبح مراهق وعلى مشارف الشباب، كانت أسرته فقيرة ولذلك عمل صياد سمك وراعي
مواشي، وفي يوم بينما هو يصطاد أهانه شيخ الغفر، صفعه على وجهه وبعثر كرامته، وفي اليوم
التالي كان محمد ينتظر ابن شيخ الغفر وسط الأحراش وفي يده بندقية، وبمهارة فائقة مدفوعة
بكرامة مهدرة صوب البندقية في اتجاه ابن شيخ الغفر، استقرت الرصاصة في قلبه واردته
قتيلا، فكان من شيخ الغفر أن طوح بالقانون جانبا وسعي لأخذ ثأر ابنه، لتكون سلسلة من
الجثث من الطرفين.
اقرأ
أيضًا: عن صراع «موليير» ورجال الدين.. كيف
جسدت أعمال أحد رواد المسرح الأوروبي معاناته؟
فيه روايات كثيرة تحدثت عن البداية واللحظة الفاصلة اللي تحول فيه محمد محمود منصور من شخص عادي مسالم إلى قاتل، هذه اللحظة حيرت كثير من علماء النفس، شخص عادي يطلب السلام في لحظة ما يقتل! تذكرني هذه التفصيلة بفيلم «wild tales» وهو فيلم جميل بالمناسبة، أصبح محمد محمود مطارد من أسرة الغفير المطالبة بالثأر منه من جهة والشرطة من جهة أخرى، فأقترح عليه شقيقه «رمضان»: «ليه ميكونش ابن ليل؟ أيوة صحيح ليه ميكونش ابن ليل؟ ليه ميكونش صائد السمك صائد أرواح؟ ليه ميكونش محمد محمود منصور خط الصعيد!».
وإلى موعد قريب مع الحزء الثاني من حكاية «خط الصعيد»