جاري تحميل ... الفيتشر

مدونة المعافرين في الأرض

إعلان الرئيسية

إعلان في أعلي التدوينة

صناع المحتوى

مَا الغريب!.. قصة قصيرة من تأليف شروق أحمد

الإله أنوبيس

•الأشباح تدور حولي..لا اعلم كيف أتغلب وانتزع تلك القطعة السوداوية التي تحيط بجدار قلبي، قطعه الخوف، ثمة شبحٌ الآن يُراقبني، كانت تعبيرات وجهه المحملة بنظرات النصر والخبث تُشير أنه سمع تلك الإرتجافة التي أصابت جسدي، ينتظر إعلان النتيجة.

 

نتيجة كل ذلك الخوف الذي يكمن بداخلي ويظهر علي مسام روحي، لا أتمكن من السيطرة علي الرعشة التي أصابت كلتا يداي وقدمي، لا اقدر علي المحاولة، وعلي الصمود رُبع ثانيه أخري.

 

((أغلقت دفتري بعدما كتبت نصف فصل من روايتي الجديدة، حقا كانت الكتابة هي الشئ الوحيد الذي جعلني باقٍ علي هذه الحياة الخالية، كل شئ في محله.. الكتب، الشاي، دفتري، أوراقي وقلمي، ووحدتي، كله في مكانه الصحيح عدا أنا، أنا الذي لم أجد حتى الآن مكاني الحقيقي، فأصبحت أتخيله، وأدسّه بين غامرات الكلمات، ليعرف كل قارئ ما أمُّر  به الآن، حياه بلا حياه، وإنسان بلا روح، أعيش في شئ بلا شئ، حتى هذه الكلمات..كلمات من لا كلمات، كُله فارغ..حتى أنا.

 

•ظل جسدي يرتجف مثل سمكه استنشقت الهواء لأول مرة، فماتت من أثر الصدمة، لكني لم أمُت، أنا الذي أقف أمام كائن غريب نصف بشري والنصف الآخر ينتمي إلي سُلاله القردة، ذو الفراء الرمادي الكثيف والعين الخضراء، والأسنان الكثيرة المنتشرة بين أطراف فمه بلا ترتيب، إنها غلطتي، أنا الذي غامرت وأنا اعلم النتيجة، يا الهي كيف أنقذ نفسي، كيف أنجو، أصبح الخوف يسيطر علي كل جسدي أكثر من ذي قبل، وهو ما زال يبحلق بي.

الكاتبة شروق أحمد
تركني وذهب، بعد صيحة طويلة المدى أدت لوقوع صخره ضخمه بجواري من الكهف الذي نحن فيه، لا اعلم سبب تركه لي، ولكن أنا ما زلت علي قيد الحياة، وهذا المهم..

 

جمّعت ما تبقي مني من شجاعة ونهضت في عجّل لأذهب بعيد عن هذه الحجرة، لأُكمل اكتشاف هذه المغارة، حسنًا اعلم أنني مجنون وأنني كنت علي وشك الموت من دقيقتين، لكن ما جعلني آتِ إلي هنا وحدي ويحدث كل هذا وابقي علي قيد الحياة، يجعلني أكمل حتى لو كانت النتيجة مماتي.

 

تسلقت الأشجار وعبرت الوديان واستكملت رحله بحثي بلا ضرر هذه المرة، والأعظم من هذا أنني وجدت ما كنت ابحث عليه..رسالة فرعونية للإله أنوبيس، يا له من اكتشاف من رجل عظيم مثلي عديم الشجاعة رُبما، لكني حصلت عليه، أسرعتُ من خطواتي وأكملت علي نهاية الكهف لأخرج منه وأعود إلي خيمتي، خمسه كيلومترات مشيتها سيرًا علي قدمي، فانتهي بي المطاف إلي صحراء خاليه من الناس والنباتات، ليس بها أحد سواي، توقفت لوهلة لأعرف أين أنا وابحث عن طريقه لأرجع إلي الكهف مرة أخري واسلك طريق غير الذي سلكته فأدي إلي هنا، لم أجد ما يحيط سوا من كل الجوانب سوا الرمال الصفراء والكثير من الثعابين والسحالي التي تسكن الصحراء..لم تكن بيدي حيله سوي استكمال السير والبحث عن أي رجل يَدلني علي طريق لأرجع للمدينة، مشيت ومشيت ومشيت، الكثير والكثير من الساعات قضيتها مشيًا، إلي أن قابلني رجل غريب الأطوار.

 

((أصبحت الحياة تعيسة ربما، أكثر مما كانت في نظري، اقضي طيلة الوقت في الكتابة، واقرأ الكتب الفرعونية التي تجيد إدهاشي، الفراغ الذي يحوم حولي يقتلني، يستنزفني، ويقضي عليَّ، أمسكت بقلمي بعدما حدثت نفسي بهذه الكلمات، وتركت الأمر لخيالي يحدثني وأتوَنس به، فحدثت أشياء غريبة.

 

• يظهر عليه أنه لم يقابل بشريًا من أعوام، يظهر علي ملامحه الاكتئاب، وتدل حالته أنه يعاني من الوحدة، يعيش وحده، فلمّا لمحني جري عليّ مثل كلب يلهث ووجد مياه ترويه، جذبني نحوه في قسوة شديدة ولف يده حول عنقي وتحرك بي علي بيته، بيته الذي ظهر مؤخرا بين صحراء فارغة من الحياة، أخبرته أنني أود الرجوع للمدينة لان معي اكتشاف لم تعرفه البشرية يوما من قبل، فلم يظهر علي وجهه أي من علامات الدهشة ولا الانبهار، بل ابتسم لي ابتسامه خبيثة وقال : اعلم عزيزي، رسالة فرعونية كتبها الإله أنوبيس قبل موته، تدل علي اكتشاف مقبرة محمله بالكثير من الثروات الفرعونية والذهب، أتعلم..أنا هنا منذ نعومه أظفارك ربما، أعيش بين الكتب والورق والصحف، اكتب واكتب، أنا شاعر بلا أبيات، وكاتب بلا كلمات، أجيد حكي القصص الرعب ولي بعض المؤلفات الشعرية عن الفراعنة، وأنا انتظرت وصولك خمسين عاما، وها أنت واكتشافك آتيتم إلي، فإذا كان من شخص يستحق أن تعرف البشرية قصته وتدونها الصحف، فهو يكون أنا، وليس أنت.

 

وبخطوة سريعة أخرج سطوا كان يخبئه خلفه طيلة الوقت، وتحرك نحوي وعيناه تفيض غل وقسوة، قاومت ضرباته بكل قوتي، إلا أن استطعت التمسك به وضربته، قتلت الذي كان سيسرق اكتشافي، قتلت الذي اكتشفني، وكوّن شخصيتي، قتلت من صنعني، وأحسن صناعتي، تمردت عليه وأصبته في أُم عينه، ولكن كان الغريب أنه لم يمت، لم يمت وتركني احتفل بانتصاري وأخرج سكينا، وقطع راسي، أسودت الحياة في عيني فجاه، وعلي يميني رسالة الإله، وعلي يساري رأت عيني جسدي، فلم أدري أين سأذهب الآن، لكني خسرت، خسرت في نهايه المطاف، وانتصر من بدأ هذه المعركة من البداية..من صنعني.

 

||من المُدهش ان يصنع الإنسان نفسه في جسدٍ آخر، يُحدثها ويشكو إليها ويجعلها تتحرك وتتمرد عليه، من المُدهش أن الإنسان يغلب وحدته بخلق روحٍ جديدة تنبع من خياله ليأنس..فتكون النهاية الحتمية لهذا الكائن البشري الوحيد، هو اختيار روح  تُكمل السير في طريق حياته، يا نفسه، يا نفسه التي صنعها، وفي نهاية المطاف، تُقتل الروحين، الخيالية والواقعية، ولم يبقي سوي ذِكراهم، قضوا عليهما من أجل الونس والانتصار، فكانت النهاية، هو الموت لكليهما.. فمَا الغَريب! ||

 

شُرُوق أحَمَد

الوسوم:

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *