حياة بين الكتب.. «روبرت» يعيش من أجل المعرفة: «الثقافة كنز لا يعرفه الجميع»
في بداية يومه
يجلس وراء مكتب معدني متوسط الحجم في مصلحة التموين، يستقر أمامه العديد من الملفات
الورقية ضخمة، يغرق في روتين الوظيفة اليومي، حضور في الصباح الباكر وتأدية مهام محفوظة
لا جديد فيها ثم ينصرف في آخر اليوم الوظيفي، ليبدأ رحلته المكسوة بالحرية
والانطلاق بفضل الكتب التي اتخذها منها صديق دائم لما يتخطى حاجز الـ4 عقود من
الزمن.
إذ يعود
مسرعًا إلى منزله حيث يقبع كنزه الثمين، مكتبته الخاصة التي تغطي جدران شقته وتفيض
أرففها بالكتب، والكنز ليست نقود فقط في رأيه، هناك ما هو أكبر من قيمة النقود، هناك
قيمة المعرفة، منذ صغره وهو شغوف بالمعرفة، كان يشاهد البرامج العلمية التي كانت تذاع
آنذاك، والتي عندما كبر وتعددت قراءاته أكتشف إنها لا تمت للعلم بصلة، قرأ المجلات
بمختلف أنواعها، كان زائر يومي إلى بائع الجرائد، ينفق كل نقوده على الكتب والمجلات،
يعود إلى منزله يفترش المنضدة بالكتب ويغرق في قراءتها.
«روبرت يونان»..
من مواليد الصعيد وبالتحديد محافظة المنيا، شخص يمتلك رحلة حياة قضاها كلها بين أرفف الكتب، متوهج
الفكر، مثقف عتيد، موسوعي المعرفة، غير مؤدلج وغير مؤمن بالتصنيف، يقدس الإنسانية
حتى لو تعارضت مع المقدسات عند العامة، لأنه يرى أن أقدس بقعة على وجه الأرض في القلب
وليس في مكان آخر، دائم تمرير المعرفة والكتب للآخرين، لا يبخل على أحد بشيء، من يجلس
معه يعود محمل بالأسئلة، لا يقدم إجابات وحقائق مسلم بها لكن يُضيء طريق، طريق للتأمل
والتفكير، ويرى الحقيقة هي رحلة بحث لا وصول، وفق ما يكشفه «روبرت» في حديثه مع
«الفيتشر».
معرض القاهرة الدولي للكتاب
زائر دائم لمعرض القاهرة الدولي للكتاب منذ سنوات طويلة، وتردد على العديد من المناطق الأثرية في أنحاء
مصر، لأنه شغوف بالتاريخ المصري القديم، ولو علم أن هناك ندوة مهمة تُقام في القاهرة
أو الإسكندرية التي تبعد مئات الكيلو مترات عن المنيا لا يفكر كثيرًا فقراره سابق التجهيز
وهو حمل حقيبته والسفر إلى الندوة على الفور، كوّن العديد من الصداقات داخل مصر وخارجها،
الجميع يحبه ومن الصعوبة بمكان أن يختلف عليه أثنين من حيث نقاء القلب وكرم الأخلاق
ورقي المعاملة، هو صديق للجميع وعند الحاجة هو أول الحاضرين وآخر المنصرفين.
اقرأ أيضًا: طالب علم.. «أحمد» يحصل على 300 شهادة في 90 يوم وجامعة
أمريكية تمنحه دكتوراه فخرية
الكتب الفكرية
يحب القراءة للمفكر
الفلسطيني إدوارد سعيد ويري أنه خرج من عباءة هذا المفكر الفذ، قرأ كل أعماله، وقرأ
كتابه الشهير «الاستشراق» بأكثر من ترجمة، ويحب أيضًا غالي شكري و لويس عوض يميل إلى
قراءة الكتب الفكرية ولكنه أبداً لم يهجر الأدب، نصيحته الدائمة للشباب المقبلين على
فعل القراءة أن يبدؤوا بقراءة الأدب لأنه يمنحنا الإنسانية.
من يقابل روبرت
يونان ويقترب منه حتمًا سيترك بداخله أثر، سواء في نظرته للحياة أو في توجيهه إلى طريق
الثقافة الحقيقية غير الزائفة، ورغم أن الصورة السائدة عن المثقفين أنهم أشخاص دائمي
التجهم وثقلاء الظل ولكن «روبرت» دائم الابتسام والضحك لا يفارقه، هو "زوربا المنياوي"
الشخص الحكيم الضاحك المقبل على الحياة حتى لو كانت لا تخلو من كآبة فهو قادر على تجاوزها
والسخرية منها.