عش بالكفاح.. «نور » عامل مخزن يتحصل على 94% بالثانوية العامة: «حلمي كلية الطب العسكري»
«عش كل لحظة
كأنها آخر لحظة في حياتك،عش بالإيمان، عش بالأمل،عش بالحب، عش بالكفاح، وقدر قيمة
الحياة».. هكذا نصحنا إبراهيم الفقي، خبير التنمية البشرية، قبل رحيله عن تلك
الحياة الفانية، فقد كان دائم الحديث عن أهمية الكفاح ودوره المحوري في تحقيق الفلاح
والإنجازات المختلفة على مستوى كل المجالات، وهكذا أيضًا استطاع «نور» أن يحقق
تفوق ملحوظ بالثانوية العامة على الرغم من الظروف الصعبة للغاية التي عايشها خلال
العام الدراسي المنقضي، والتي كانت كفيلة بإبعاده عن حلمه في النجاح بالأساس، إذ
كان مطالب طوال العام أن يعمل بمخازن أحد الشركات، حتى يستطيع تدبير أموال ودروسه
ومصاريف تعليمه، لتأتي نتيجته بالثانوية العامة لتنصف كفاحه قبل أن تنصفه هو
شخصيًا وتقربه بشكل كبير من حلمه في الالتحاق بكلية الطب العسكري.
نور الدين،
طالب بالصف الثالث الثانوي استطاع أن ينجح بتلك المرحلة الصعبة والمصيرية في عمر
كل طالب مصري بمجموع نسبته 94.15%، بعد سنة طويلة من الكفاح بين عمله ودراسته،
عاني خلالها الكثير من الصعاب، التي كانت تحرضه نحو التخلي عن كل شيء أمام
الضغوطات التي واجهها، لكن عزيمته على المواصلة وإرادته نحو تحقيق هدفه وقفا
بمثابة حائط الصد أمام كل الأفكار السلبية التي كانت تهاجمه: «كان بيقابلني مواقف
صعبة وكانت حرفيًا بتدمرني نفسيا لدرجة كنت بقول مش هكمل أنا تعبت، بس كل ما كنت
بفتكر حلمي كنت بعاند كل الصعاب وبكمل مشواري»، وفق ما يرويه «نور» في حديثه مع
«الفيتشر».
كفاح منذ
الإعدادية
طالب الثانوية
العامة الذي يتمنى الالتحاق بكلية الطب العسكري، لم يعرف طريق الكفاح والسعي
والعمل إلى جانب دراسته هذا العام فقط، بل ابتدى مشواره مع الحياة العملية، منذ أن
وصل إلى المرحلة الإعدادية، وبالأخص حين أدرك أن المستوى المادي الخاص بأسرته لن
تسمح له أن يتحصل على التعليم الذي يحلم به: «بصراحة أهلي مكنوش قادرين يعلموني
ولا يدفعوا مصاريف دراستي، والدي شغال ترزي وأمي معاها ليسانس أداب قسم فلسفة بس
مش بتشتغل»، وهو ما جعله يخوض تجربة العمل بأكثر من مهنة بين بائع بمحلات ومهن
أخرى مختلفة، إذ لم يكن يهتم بشكل المهنة أو كيف ينظر إليها الناس، كل ما كان يهمه
أن يجد عمل شريف يستطيع من خلاله أن يوفر كل ما يحتاج إليه من نفقات تحص تعليمه: «الشغل
عند الناس عمره ما كان عيب ولا فيه أي إهانة زي ما بيعتقد بعض الناس، بالعكس دهب
يزيد الإنسان خبرة وبيحسن من شخصيته ودخله المادي، وده اللي بدور عليه طول الوقت».
الشركة
الحنينة رزق
«كنت بشتغل
طول الأسبوع ما عدا الأحد والأربع كان مديري في الشركة بيديني أجازة في الأيام دي
عشان أروح فيهم كل دروسي»، هكذا قضى «نور» القاطن بمحافظة الدقهلية، عامه الدراسي
المنقضي قبل أيام قليلة، والذي كان حريص على الاعتراف بتعاون ومساعدة الشركة التي
يعمل بها ومديره له، وهو ما سمح له في النهاية بتحقيق النجاح والتفوق خلال تلك
المرحلة الفاصلة، لدرجة أن الشركة سمحت لها بإجازة لمدة 60 يوم متواصل خلال فترة
امتحاناته حتى تتيح له فرصة اكبر للتركيز، وبمجرد أن انتهى من أخر امتحان فتحت له
أحضانها من جديد وعاد إلى عمله، وليس هذا فقط بل حرص زملائه بنفس الشركة على إقامة
احتفال صغير له فور معرفة نتيجته بالثانوية العامة: «حقيقي حابب أشكر كل الناس
اللي ساعدتني واللي فرحوا بيا، وبتمنى أفرحهم أكتر بدخولي كلية الطب العسكري، لأن
ده حلمي من وأنا في ابتدائي ولأني بحب جدًا الحياة العسكرية».