متحف الأحياء البحرية.. مشروع تخرج «عبدالرحمن» لإنقاذ المحيطات من النفايات البلاستيكية
«أريد أن ينتبه العالم إلى وجود حياة وبيئة
أخرى غير التي نعيش فيها، حياة مهددة بالزوال بسبب السلوك الخاطئ لنا والتي قد
تمتد إلينا في أي وقت، وأريد من خلاله تسليط الضوء على ضرورة علاج المشكلة القائمة
عن طريق التشجيع على إعادة التدوير والامتناع عن إلقاء النفايات في المحيطات«، هكذا أجاب «عبدالرحمن»
حين سؤل عن رسالته وهدفه من تبني قضية المحافظة على المحيطات والبحار من خطر
النفايات البلاستيكية، وجعلها محور مشروع تخرجه من معهد مصر للهندسة والتكنولوجيا
بالمنصورة بعد دراسته لسنوات بقسم الهندسة المعمارية.
عبدالرحمن غزال، شاب سوري يُقيم بمدينة المنصورة التابعة لمحافظة
الدقهلية، ودفعه إيمانه القوي بتلك القضية التي تهدد الحياة البحرية والبرية على
حد سواء، لتصميم متحف للأحياء البحرية حتى ينبه الجميع لضرورة هذه القضية التي
تهدد استدامة المحيطات، خاصة بعدما شهدت السنوات الأخيرة استفحال نسبة النفايات
البلاستيكية بجميع محيطات وبحار كوكب الأرض، مع توقعات بتفاقم المشكلة ما لم يتخذ
العالم خطوات جدية للقضاء عليها، وفق ما يرويه «عبدالرحمن» في حديثه مع «الفيتشر».
صاحب قضية
أسباب كثيرة دفعت خريج معهد مصر للهندسة
والتكنولوجيا لتبني تلك القضية، في مقدمتها الخطر الكبير الذي تمثله النفايات
البلاستيكية على أرواح الأسماك والكائنات البحرية التي تزهق الكثير منها بشكل
يومي، فضلًا عن تهديد بعضها بالانقراض، وهو ما تؤكد عدد من الدراسات التي أجريت
حول هذه القضية والتي تكشف إحداها بأنه بحلول عام 2050 ستصبح نسبة النفايات
البلاستيكية في المحيطات مساوية لنسبة الأسماك التي تحتويها، كما أن هناك دراسة
أخرى توضح أن مصر من أكبر الدول في العالم التي تلقي نفايات بلاستيكية بالمحيطات:
«لذلك فإن دوافعي نابعة من حرص شديد على البيئة وهو ما علمتنا إياه العمارة، أن
المبنى الذي نقوم بتصميمه يجب أن يساهم في علاج مشكلة ما، وأن يحقق الاستدامة
للبيئة المحيطة ويحافظ عليها».
متحف على شكل حوت
تصميمات الشاب السوري لمتحف الأحياء البحرية
استلهمه من أشكال الكائنات البحرية وبالأخص الحوت والذي يعد أكبر تلك الكائنات من
حيث الحجم، وذلك في محاولة منه للتعبير عن الحجم الكبير للكارثة ووصول نسبة الخطر
إلى ذروتها: «حاولت أيضًا أن أخلق صراعًا بين البيئة البحرية وخطر البلاستيك الذي
يحاول التهامها».
ووفقا لتصميمات «عبدالرحمن» فأن المتحف يحتوي
على أحواض لعرض أندر الكائنات البحرية بالبحر الأحمر، بالإضافة لعدة أنشطة ترفيهية
تتاح أمام زوار المتحف والذي من المخطط أن تنتهي زيارته بمعرض البلاستيك الذي
يستعرض القضية المطروحة، كما يطرح أعمال وورش فنية من البلاستيك مُعاد التدوير.
شكل المتحف بالأساس مثّل الصعوبة الأكبر بهذا
المشروع أما الشاب السوري، حسب ما يؤكده، إذ وضع أمامه من البداية عدة اعتبارات في
مقدمتها كيفية الوصول إلى شكل للمبنى يحقق رسالة المتحف وفي ذات الوقت تظهره كعمل
فني معماري يخاطب مشاعر الزائر ويدفعه نحو التساؤل ويلفت انتباه إلى هذا الخطر
الذي يهدد الحياة البحرية في العالم أجمع.
حلم إعادة أعمار سوريا
مشروع تخرج «عبدالرحمن» الذي نال استحسان
الكثيرون ليس إلا خطوته الأولى في بداية مشواره العملي، مؤكدًا في نهاية حديثه مع
«الفيتشر» أنه سيعمل خلال الفترة المقبلة على تطوير قدراته وتصميماته بشكل أكبر
حتى يصبح قادر على منافسة السوق الخارجي، وأن يستطيع تقديم تصميمات تتعدى أنها
مجرد بناء أسمنتي فقط، بل تكون بمثابة تصاميم ناطقة تساهم ببناء وعي وتحريك
العواطف والمشاعر: «وأكثر شيء بحلم فيه إني أساهم بإعادة أعمار وطني سوريا».