عاشق على عشب كرة القدم.. «البلعوطي» حارس مرمى هاوي فوق الـ 50: «بتجري في دمي»
على بعد مئات الكيلو مترات من جمهورية مصر العربية، وبالتحديد على أرضية ميدان استاد إنيو تارديني، الملعب الرئيسي لنادي بارما الإيطالي، يحاول جانلويجي بوفون، حارس المرمى التاريخي لمنتخب إيطاليا، مواصلة مسيرته الإحترافية في عالم كرة القدم الممتدة منذ عقود من الزمن، رغم بلوغه الـ 44 من عمره، في نفس الوقت يقوم بنفس الأمر «البلعوطي»، حارس مرمى هاوي، ولكن على أرضية ميدان ملعب مركز شباب ميت العطار بمحافظة القليوبية، مُصرًا على إكمال رحلته الطويلة مع عالم كرة القدم رغم تخطيه حاجز الـ 50 عامًا، مُتسلحًا فقط بعشقه الأبدي للساحرة المستديرة.
محمد عيد، أو «البلعوطي»، كما يعرفه كل أهالي قريته
الصغيرة الواقعة على جنبات نهر النيل، من مواليد 1971، وبدأت حكاية عشقه لممارسة
كرة القدم من وهو طفل في عمر الـ 10 سنوات، إذ كان يلعب دائمًا رفقة أصدقائه
وأطفال قريته بكل شوارع وحوراي وأزقة هذه البلد وأي مكان يتسع لممارسة تلك اللعبة
صاحبة الشعبية الأولى بغالبية دول العالم، وفق ما يرويه «البلعوطي» في حديثه مع
«الفيتشر».
سر تسميته بـ «البلعوطي»
منذ أن عرف المسن الخمسيني طريق كرة القدم، ووجد أن
المركز الأنسب لقدراته ومرونته غير الطبيعية، يتمثل في حراسة المرمى، ليعيش عقود
طويلة من الزمن مهمته تتلخص في الزود عن مرماه والحفاظ على نظافة شباكه، وهو ما
كان يقوم به بشكل جيد بفضل موهبته الربانية: «عمري ما لعبت ولا دربت في أي نادي،
دي حاجة كدا زي هبة من عند ربنا بحمده عليه»، ولدرجة جعلت زملائه من اللاعبين
الهواة يطلقون عليه لقب «البلعوطي»، أسوة بحارس نادي غزل المحلة بثمانيات القرن
الماضي «محمود البلعوطي»: «كان حارس مرمى كبير، وعشان كدا سموني على اسمه».
على عكس كل حراس المرمى في العالم سواء المحترفون أو
الهواة، لا يحتاج «البلعوطي» إلى أي ملابس أو مستلزمات أو أحذية رياضية لمداعبة
كرة القدم بيده أو بقدمه: «من يوم ما عرفت طريق الكرة وبلعب حافي، ولحد دلوقتي
معرفيشي ألبس كوتش في رجلي أو جواندتي في إيدي وألعب بيهم»، ورغم ذلك استطاع حارس
المرمى الخمسيني في تحقيق لقب أكثر من بطولة على مستوى قريته الصغيرة: «أنا فاكر
كويس أخر دورة كسبتها خدنا فيها مصاحف وفانلات».
الكرة إدمان
قبل أسابيع قليلة تخطي «البلعوطي» حاجز الـ 51 عام، ورغم ذلك ما زال يتمتع بمرونة غير طبيعية ويستطيع أن يمارس كرة القدم مع لاعبين من عمر أولاده، ولا يفكر على الإطلاق في الابتعاد عن هذا العالم الساحر بالنسبة له: «أنا مدمن كورة، بتجري في دمي، ومش هبطلها غير بالموت»، أما عن سر مرونته التي يلاحظها كل من يلعب معه بسهولة رغم تقدمه في العمر، فهو نفسه لا يعرف السبب في ذلك، وهنا ارتسمت على وجهه ابتسامه مُحب وعاشق: «جايز حبي للكورة السبب، مش عارف والله، بس أنا مبسوط بالساعة اللي بتقابل فيها مع الكورة، حتى لو مرة بس كل أسبوع».