مطبخ الغلابة.. وجبات إطعام للصائمين برعاية وتنفيذ «شيف» وصديقه: «وهبنا نفسنا للخير»
«مصر اللي فيها الغلبان بيعطف على الغلبان»، جملة بسيطة قالها الإماراتي عامر عبدالله، خلال تعليقه على مباراة الميدالية البرونزية بالنسخة الماضية من كأس العالم للأندية، لكنها ورغم بساطتها المتناهية إلا أن كلماتها تحمل في طياتها المعنى الأساسي، الذي كان السبب في استمرار جمهورية مصر العربية طوال 7 ألاف سنة وأكثر، لأنها البلد الوحيدة بحق التي تجد فيها غير المقتدر والمتعسر ماديًا مستعد للإنفاق على غيره، وأن يجود بما في يديه حتى لا يكون على أرضها فقير ينام ليله دون عشاء.
حديث المعلق الإماراتي لم يحمل أي معاني مبالغ فيها، لأن
جملته الساحرة تتجسد على أرض الواقع بإحدى قرى مركز شبين القناطر التابعة لمحافظة
القليوبية، إذ يقوم الصديقان مصطفى صابر ومحمود صلاح بتوفير وجبات إفطار للصائمين
غير المقتدرين بقريتهم كل رمضان منذ 5 سنوات، من خلال مطبخ خيري يقوم فيها «مصطفى»
بكل أعمال المطبخ من إعداد الطعام وتوزيعه وتغليفه، فيما يقوم صديقه «محمود» بمهمة
جمع التبرعات من أي شخص من القرية يرغب في مساعدتهم، إضافة إلى شراء الخامات التي
يحتاجها المطبخ حتى يتم إنتاج الوجبات الموزعه على أهالي القرية بشكل يوم طيلة
الشهر الكريم: «واهبين إحنا الأتنين نفسنا لله خلال رمضان»، وفق ما يرويه مؤسس تلك
المبادرة «مصطفى»، في حديثه مع «الفيتشر».
بداية الحكاية
الحكاية بدأت قبل 5 سنوات بالتحديد، حين كان يُقبل
«مصطفى» الشاب العشريني خريج كلية الشريعة والقانون، على المشاركة في المطابخ
الخيرية المجاورة لقريته كونه يعمل شيف منذ أكثر من 11 عام، ومن هنا بدأ التفكير
في نقل نفس العمل الخيري إلى بلده: «وقتها اقترحت على صاحبي ولقيته متحمس جدًا،
وبدأنا بعدها على طول ننزل نلم تبرعات من المحلات في بلدنا، ونفذنا فكرتنا والحمد
لله من وقتها مستمرين كل رمضان».
هدف المطبخ الخيري
«الهدف عندنا أن كل طبليه أو سفره أو حصيره يكون عليها أكل
أحسن من اللي عندنا في بيوتنا وقت الفطار، ومنسبش حد مفطرش أو مش مقتدر، وكمان مش
بنسيب حد عجوز يبطخ لنفسه سواء راجل أو ست، وبنوصي ونأكد عليهم محدش يحاول يعمل أكل
ف بيته وربنا بيقدرنا وبنوصل طلباتهم كل يوم في ميعاده»، هكذا صرح خريح الشريعة
والقانون، حين تم سؤاله عن الأسباب التي دفعتهم ليقوموا بذلك، مؤكدًا أن كل فريق
هذا المطبخ الخيري مستعدون لتخطي أي صعاب أو معوقات تقف في طريقهم، حتى يحققوا هذا
الهدف النبيل كل يوم طيلة الشهر الكريم من كل عام.
ما يقوم به الصديقان منذ سنوات، دفع عدد ليس بالقليل من
طلاب المراحل الإبتدائية والإعدادية والثانوية على مساعدتهم والتطوع من أجل
المساهمة في وصول وجبات الإفطار إلى مستحقيها: «بيقفوا معانا طول اليوم في المطبخ
لحد التوزيع»، كما يدعمها بشكل كبير سمير صبحي أبو شامة، عضو مجلس النواب: «حابين
نقدمله رسالة شكر على دعمه»، وفق ما يؤكده «مصطفى»، الذي كشف أيضًا أنهم كانوا
يستطيعون أن يقدموا حوالي 400 وجبة إفطار كل يوم خلال السنوات الماضية، لكن بعد
ارتفاع الأسعار أصبحوا يقدموا 200 فقط، ويعملان على زيادة العدد خلال الأيام
القادمة.