حكاية من مذكراته الشخصية.. كيف أُجبر نجيب محفوظ على كتابة تقارير في أصدقائه؟
يحكي الأديب
الراحل نجيب محفوظ في مذكراته التي أملاها على الكاتب جمال الغيطاني أنه كان من رواد
المقاهي، يذهب ويجلس وسط مجموعة من المثقفين والكتّاب أبرزهم الساخر
الأعظم محمد عفيفى بوصف محمود السعدني والكاتب والناشر عبد الحميد جودة السحار واليساري
والمثقف الكبير بدر الديب وتضمهم جلسة من جلسات الحرافيش في كازينو الأوبرا.
وكان يحضر كل لقاء
من هذه اللقاءات "مخبر" مهمته كتابة تقرير عن ما يدور في الجلسة، وكان يعلم
محفوظ ومن معه بذلك ولكن يدعوا عدم المعرفة، وفي أحد الأيام أقترب رجل من محفوظ وبعد
السلام والسؤال عن الصحة والأحوال..
قال له: "أنا المخبر الجديد وكما تعلم مطلوب
مني كتابة تقرير ولكني لا أعلم شيئا عما تقولون"، نظر إليه محفوظ مستفهما فواصل
المخبر: "يا أستاذ نجيب انتوا بتقولوا روسميه (رأسمالية) ووجودية وذهب (مذهب)
وايدوليه (أيديولوجية) وأنا مش فاهم حاجة من اللي بتقولوه ولو رجعت لرئيسي بلا تقرير
هينفخني أو يستدعي فرج".
كتم محفوظ ضحكة
وقال له : "وماذا تريد؟ فطلب منه المخبر أن يقوم محفوظ بكتابة التقرير نيابة عنه
وسيحفظ له هذا الجميل، وفعل محفوظ وظل يكتب للمخبر التقارير في نفسه ويسلمها الأخير
لرئيسه، وفي يوم أقترب المخبر مرة ثانية من محفوظ وقال له: "طبعا يا أستاذ نجيب
أنا لا أكتب شيئا وحضوري الجلسات زي عدمه ولي عندك طلب.. أنا اليوم مواعد فتاة وذاهب
إلى لقاءها وأرجو أن أجد التقرير جاهز عند عودتي"، وقبل أن ينطق محفوظ بكلمة
كان المخبر قفز إلى الشارع وهو يغني "دا حبيبي شغل بالي. آه يابا يابا شغل
بالي".