المشهد الأخير.. بالحلقة الجديدة من «نعكشة في التاريخ» إسلام كمال يكشف نهاية خط الصعيد
بعد أن تعرفنا
في الحلقات السابقة على قصة صعود خط الصعيد والسبب في اتجاهه إلى عالم الجريمة،
نستعرض في حلقتنا الجديدة من «نعكشة في التاريخ» كيف كتبت وزارة الداخلية المشهد
الأخير في حياته.
شكلت وزارة الداخلية
فرقة من رجالها بقيادة الضابط محمد هلال وأطلقت عليها «فرقة الموت»، كان أعضائها من
رجال الشرطة الذين شهد لهم بالكفاءة واستخدام كل أنواع الأساليب حتى لو كانت لا تمت
للقانون أو الإنسانية بشيء، لأن التعامل مع الخط لا يحتاج «الطبطبة» خاصة بعد أن توسع
في نشاطه وحصد الكثير من الأرواح في تحد سافر للشرطة والدولة عامة، وكان الملك يتابع
بنفسه مجريات الأمور وآخر التطورات، و أعلنوا عن مبلغ كبير تقدمه وزارة الداخلية لمن
لديه معلومات تساعد على الوصول للخط.
سميرة فتاة ليل
محترفة، طويلة، نحيلة، سمراء البشرة، زرقاء العينين، جسدها منحوت كتمثال يوناني، ووجهها
كرغيف خبز ساخن، كانت ذائعة الصيت، والأغلى بين فتيات الليل، في هذا الوقت كان البغاء
مسموح به من قبل الدولة، وكانت بيوت بائعات الهوى مفتوحة صباحا مساءً على مرمى ومسمع
الجميع، وكان الخط يتردد على بيوت البغاء كثيرًا، هو والعديد من رجال الجبل، الذين
اتخذوا الجبل مأوي ومسكن لهم، بعد أن فروا إليه سواء هروبا من أحكام قضائية أو ثأر
قديم، فكانت زيارتهم إلى هذه البيوت عزاء لهم عن وحشة الجبل والحياة الصلدة الخشنة
التي يعيشوها.
اقرأ أيضًا: خط الصعيد بين الحقيقة والخرافات.. هذا ما نعرفه في
الحلقة الأولى من «نعكشة في التاريخ«
حب من أول
نظرة
عندما وقعت عين
الخط على سميرة للمرة الأولى قرر أنها ستكون فتاته المقربة بين فتيات الليل، ولا يمسها
سواه، وبالطبع لم يجرؤ أحد على الاقتراب منها حتى لو عرضوا عليه نقود، لأنها فتاة الخط،
الشخص الذي يرهب الصعيد بأكمله وتغيرت ثلاث حكومات بسببه، أحبته سميرة وتدللت في عشقه،
كان فارسها وسيد الرجال في نظرها، وعندما علم قائد فرقة الموت طبيعة العلاقة
بين الخط وسميرة حاول تجنيدها للإيقاع بالخط، وبدأ الأمر بالترغيب والإغراء بمكافئة
مالية كبيرة وعندما رفضت قام بالتصعيد وهددها ولكنها كانت صلبة ولم تكترث فالحب في
نظرها تضحية ووفاء حتى لو كانت فتاة ليل.
علاقة آثمة
أقام الخط في منطقة
«وابور مالطي» بعد أن ضيقت فرقة الموت عليه كل الأماكن التي من المحتمل أن يقيم بها،
وزعت ضباط وعساكر ومخبرين في كل مكان، وبدءوا يتساقطوا رجال الخط واحد تلو الآخر، أصبح
محاطا من كل الجهات، ولا سبيل إلى الذهاب إلى «رشيدة» زوجته أو «سميرة» عشيقته فأقام
علاقة مع «حميدة» زوجة غفير وابور مالطي، كانت سيدة تجاوزت سن الشباب، غير جميلة، ولكنها
على كل حال امرأة وتفي بالغرض، وفقد الخط التأييد الشعبي الذي من الممكن أن يجعل من
المجرم بطل ويخلد ذكراه، بعد أن طاشت رصاصاته وأصبحت تحصى الأرواح البريئة ولا تفرق
بين شرير ومسالم.
لجأ الخط إلى «حمدي
خليفة» عمدة قرية «جحدر» وطلب منه أن يؤويه ويوفر له متطلبات الحياة، لأنه رجله وسرق
وقتل ورهب العباد بتعليمات منه، وجاء دور العمدة لكي يرد له جزء مما فعله لأجله، رحب
به العمدة في البداية وساعده أكثر من مرة من الإفلات من قبضة الحكومة، وعلم محمد هلال
بأن هناك صلة بين العمدة والخط، فذهب إلى العمدة وطلب منه أن يسلمه الخط، وحاول العمدة
إنكار علاقته به ولكن بعد ضغط وتهديد «هلال» انصاع لرغبة قائد فرقة الموت، وفي الوقت
ذاته أبلغ الخط بلقاء الضابط هلال.
أراد العمدة أن
يسلم هلال للخط، حتى يتخلصوا منه وترجع المياه لمجاريها، و يعود مرة ثانية لفرض سيطرته
على الصعيد بأكمله، ودبروا خطة ولكن فلت «هلال» بذكاء من هذه المكيدة، فلم يجد العمدة
بد من إعادة التفكير في موقفه من الخط، وبعد تفكير طويل قرر أن يسلم الخط لهلال، فالخط
الآن فقد كل قوته وانفض رجاله من حوله وأصبح مطارد من رجال الشرطة، لذلك هو حصان خاسر
بالنسبة له، ذهب إلى هلال وأخبره أنه سيقدم إليه الخط على طبق من ذهب، وأنه أعد خطة
أيضا محكمه للقبض على الخط، سمعه هلال والشك في داخله من ناحيته، ولكن العمدة كان يتكلم
بحماس شديد، حماس يدل على رغبة أكيدة في تسليم الخط.
اقرأ أيضًا: بالحلقة الثانية من «نعكشة في التاريخ».. إسلام كمال
يكشف دور الحاجة «فضة» بحياة «الخط»
خطة سقوط الخط
كانت الخطة أن
يعرض العمدة على الخط أن يقوم بخطف صبي والعمدة يتوسط عند أهل الصبي من أجل دفع فدية،
ووافق الخط على الفور لأنه كان في حاجة إلى مال وقبل كل ذلك أن يثبت لنفسه أن رغم سقوط
كل رجاله وسيطرة رجال الشرطة على كل المنافذ إلا أنه يستطيع ممارسة عمله بحرية وبجراءة
وتحدي، قام الخط بخطف الصبي وطلب فدية 200 جنيه، وعاد إليه العمدة يخبره أن أهل الصبي
ليس لديهم إلا مائة جنيه، وقبل الخط، وفي موعد تسليم الصبي لأهله في إحدى الحقول الزراعية
وبالقرب من وابور مالطي، كانت تنتظره فرقة الموت مختبئة بين أعواد الذرة، وعندما ظهر
الخط وبجانبه معاونه وهم يحملون بنادقهم.. فتحت فرقة الموت عليهم وابل من الرصاص بلا
توقف، حتى سقطوا على الأرض وتحولت أجسادهم إلى مزرعة من الرصاص، أقترب العمدة من الجثة
الملقاة على الأرض، وأعلن أن القتيل هو الخط.
حمل مأمور المركز
ورجاله جثمان خط الصعيد وتوجهوا به لعرضه على والدته «الخالة فضة» للتعرف عليه، أنكرت
في البداية أنه الخط، ولكن علمت أنهم استدعوا الطبيب الشرعى لتشريح الجثمان، للتعرف
على هويته انهارت «فضة»، وصرخت قائلة «ده ولدى»، وانكبت على الأرض راثيةً إياه: «يا
أزرق العينين.. يا أشقر».
كان في جيب جلباب
الخط عند مقتله.. «60 قرش، مصحف، إمساكية رمضان، ثلاث أحجبه، وصورة فوتوغرافية لفتاة
من المنيا».