«الزيات صاحب الرسالة».. حكاية مؤسس أشهر مجلة عربية
عرض كتاب «الزيات صاحب الرسالة»
كتبت: جهاد طه رزق
بين زحام الكثير
من المقالات التي تحدثت عن صاحب مجلة الرسالة الكاتب الكبير أحمد حسن الزيات وعن
نشأة تلك المجلة، يعد كتاب «الزيات صاحب الرسالة» للدكتور محمد نبيه حجاب، الذي صدر
عن دار المصرية اللبنانية، أفضل من تناول حكاية تلك المجلة التي أثرت بشكل فعلي في
تاريخ الحركة الثقافية العربية، خاصة أن الكتاب يتناول عدة أمور هامة في حياة مؤسس المجلة
بينها نشأته ومؤلفاته وآثاره الأدبية وأسلوبه في الكتابة حتى وفاته، إضافة إلى تأسيسه
لتلك المجلة التاريخية الهامة.
بعد عودة «الزيات»
من العراق ورفضه التدريس فى كلية الآداب، خوفًا أن تكبله الوظيفة والمناصب عن الأدب
فقرر أن يًفتتح مجلة ولكنه كان يأمل أن يشاركه فيها صديقه الدكتور طه حسين، ولكن الدكتور
رفض، قائلاً للزيات:هل تظنك واجدًا لمجلة الأدب الرفيع قراءه في مجتمع ثقافة أمية،
والمذبذبون بين ذلك لا يقرءون- إذا قرءوا- إلا المقالة الخفيفة، والقصة الخليعة، والنكتة
المضحكة؟ ذكرت ذلك الحديث في كتاب وحي الرسالة في المجلد الرابع ص72.
اقرأ أيضًا: »نعكشة في التاريخ».. المشهد الأخير في
«محاكمة طه حسين«
توزيع عربي
ولكن «الزيات»
أصر على قراره وصمد، وبالفعل تم افتتاح مجلة الرسالة عام 1933م، فقد حدثت طفرة جديدة
في المجتمع بعد إصدارها،فقبل العدد الأول من إصدارها بالحفاوة البالغة في 15يناير
1933م، فقد رحبت القراء والكتُاب بهذه المجلة، فأصبحت الكُتاب تكتب وينتظروا محبين
القراءة الأعداد بفارغ الصبر للقراءة كل ما هو جديد، فأزداد عدد الكتاب وعدد القراء
في الوطن العربي.
بعد انتشار العدد الأول ونجاحها في المنطقة العربية،
حتى نفذت جميع الأعداد في وادي النيل بين مصر والسودان، ولم يكن هناك حظ لأبناء الرافدين
حتى تصل إليهم أعداد المجلة، فقرر الزيات إعادة طبع العدد الأول مرة أخري، ليعم على
جميع الأقطار العربية، أدي ذلك النجاح في سوريا إلى وصول المجلة لهم، فأسموا يوم الثلاثاء
يوم توزيع الأعداد في سوريا بيوم الرسالة.
أراد «الزيات»
أن يسقط الضوء على القصة والرواية والمسرحية، فقرر إنشاء مجلة أخري ألا وهي مجلة الرواية،
وكان أول أعدادها في عام 1937م، كبرت المجلة وكان لها أسماً كبيرًا ، ولكن لم تدم الفرحة
طويلاً لعدة أسباب أهمها الضرائب الباهظة، فأغلق الزيات مجلة الرواية، وأصبحت تنشر
أعداد مجلة الرواية في مجلة الرسالة، تحت عنوان المجلة الجديد «الرسالة والرواية» حدث ذلك عام 1940م.
اقر أيضًا: المشهد الأخير.. بالحلقة الجديدة من
«نعكشة في التاريخ» إسلام كمال يكشف نهاية خط الصعيد
ضرائب ومقدمة
هامة
الضرائب الباهظة أصبحت تهاجم الزيات مرة أخري من
جميع الجهات، فأضطر الزيات الاستسلام بعد عدة محاولات لإبقاء الجريدة على قيد الحياة،
ولكنها محاولات عابثة، فأضطر لإغلاق الجريدة وبيع المطبعة إلى استفتاء الديوان، وعقب
على ذلك في مقدمة كتابه في ضوء الرسالة،
قائلًا: «لقد استطاعت المجلة على مدي عشرين عامًا أن تنشأ جيلاً من الكُتاب والشعراء
لهم أثرهم القوي، وأن تنشئ مدرسة في الأدب
لها طابعها الخاص، وأن تعرف أبناء العرب بعضهم على بعض، على انقطاع الأسباب
وتباعد الديار، وأن تجمع الشعوب والقلوب على فكرة واحدة، وغاية واحدة ، وأن تكون سفيرًا
روحيًا لمصر فى جميع البلاد العربية والإسلامية».
مجلة الفكر
لم تنشأ مجلة الرسالة لصالح عدة أدباء وشباب يكتبون بها بل كانت رسالة سامية لأدباء قادمون، بل وأصبحوا
بعد ذلك أعلام الفكر وأصحاب القلم الذهبي، وأخرجت الكثير من الكتب التي تدرس فى الجامعات
الآن، وكتب بها وروايات وكتب لن تكرر من هؤلاء الراحلون مرة أخري مثل: ("وحي الرسالة" للزيات، "يوميات نائب فى الريف"،
"البرج العاجي" لتوفيق الحكيم، "ليلي المريضة بالعراق"، "الحديث
ذو شجون" لزكي مبارك).
نهاية
لم يتوقف «الزيات»
عن الكتابة بل لم يستسلم قط، بل كان يكتب ويتم النشر فى عدة صحف ومجالات، وبعد فترة
أدراك المسئولون أهمية مجلة الرسالة ورسالتها السامية، فتم افتتاح مجلة «الرسالة الجديدة»
عام 1963م، ولكنها لم تدم طويلاً لعدة أسباب منها كبر سن «الزيات» نفسه، وأيضًا غزو
العامية على الفصحى، بالإضافة لعوامل السرعة والتجديد التي تحدث، مما جعل الرسالة الجديدة
لم تم طويلاً.
وتميزت مجلة الرسالة منذ نشأتها بعدة ملفات هامة حاولت مناقشتها وإعطائها المساحة الكافية على صفحات المجلة ومن بينها الموضوعات الإسلامية فكان الزيات مسلمًا مخلصًا يغير على دينه، وكذلك ملف القومية العربية والعروبه ، فكان دائمًا منشغل البال ومهتمًا لما يحدث فى البلاد العربية وكان يعبر بوسيلته وهي قلمه عما يحدث، وكذلك أيضًا بعض الموضوعات الآخري التي كتب عنها الزيات وغيره فى تلك المجلة، مثل الفن والعلوم والفلسفة، فكانت مجلة الرسالة شاملة لكثير من الموضوعات والأحداث التي كانت تحدث حينها فهي سجل تاريخي مهم لتسجيل ما حدث فى تلك الحقبة.