جاري تحميل ... الفيتشر

مدونة المعافرين في الأرض

إعلان الرئيسية

إعلان في أعلي التدوينة

نجوم

الرحلة الكاملة للساحر محمود عبدالعزيز.. مسيرة مليئة بالإبداع ومرض سيطر على المشهد الأخير

 

كتب: محمد خاطر 


نجوم كثيرون يظهرون ويشتد ضياؤهم ويصلون إلى أعلى مراتب النجاح، ثم تمر السنوات وتتلاشى نجوميته ويخفت ضوئهم، بعد أن يفشلوا في تحقيق مسيرة حافلة بالنجاجات، كما فعل النجم محمود عبدالعزيز الملقب بـ «الساحر» طوال مسيرته الفنية التي انتهت برحيله قبل أكثر من 5 سنوات، وبالتحديد في الثاني عشر من نوفمبر لعام 2016.


الفنان الراحل ولد في الرابع من يونيو عام 1946، وفقًا لصفحة الساحر على قاعدة البيانات «ويكبيديا»، حياته الفنية شهدت الكثير من المحطات الهامة والأدوار الفنية التي تعد بمثابة العلامات ليس فقط على مستوى مسيرته العملية، بل على مستوى تاريخ الفن المصري، كما أن حياته الشخصية ملامح أخرى بعضها تعرف عليها الجمهور والبعض الأخر لم يعرف عنها الكثيرون، لكن كل ذلك يستعرضه «الفيتشر» في تقريره التالي عن حياة الراحل الشخصية وكذلك مسيرته الفنية.

شخصيات صنعت نجومية


الفنان المعروف بـ «الشيخ حسني، رأفت الهجان، مزاجنجي، عبدالملك زرور، محفوظ زلطة، أبو كرتونة، أبوهيبة» نسبة إلى عشرات الشخصيات الفنية التي قدمها طوال مسيرته ويرتبط بها الجماهير بشكل كبيرة، بدأ حياته الفنية مطلع السبعينيات، حينما حصل على فرصته الأولى فنيًا مع المخرج نور الدمرداش عبر بوابة مسلسل «الدوامة»، الذي كان كفيلًا بجذب الأنظار إليه، بالأخص بعد الدور الصغير الذي قدمه في أحد أهم كلاسيكيات السينما المصرية فيلم «الحفيد» رفقة المبدع الفنان الراحل عبدالمنعم مدبولي وأم المصريين الفنانة كريمة مختار، وبعد ذلك انطلق في مشواره مع النجومية معتمدًا على شكله الجذاب وخفة ظله في تقديم العديد من الأدوار الرومانسية في سلسلة أفلام قام ببطولتها.


رجل الشارع المصري


ولكن، مع مطلع العقد الثامن من القرن الماضي بدأت نوعية أدوار الساحر تختلف، وبدأ يدرك أهمية تقديم نوعية من الأفلام تنقل حال رجل الشارع المصري وآلامه وهمومه، فقدم الدكتور عادل في فيلم «العار» رفقة المبدعين الآخرين الفنان الراحل نور الشريف والفنان حسن فهمي، مجسدًا الصراع الداخلي الذي ينشب بين لحظة وضحاها داخل رجل عاش طيلة عمره يتباهى بشرفه وحسن سلوكه وحرصه على اتباع الطريق المستقيم وفجأة يجد نفسه مجبرًا على المشاركة في صفقة تجارة مخدرات حتى يحصل على ميراثه الذي يضمن له حياة كريمة تساعده على استقامته.


ثمانينات القرن الماضي


ثم بعدها فضّل أن يقدم نموذجًا آخر للإنسان المصري عبر شخصية «جمال أبو العزم»، أو كما لقب ضمن أحداث فيلم «الكيف» بـ«مزاجنجي» رفقة المبدع يحيى الفخراني، محاولًا من خلال نموذج تلك الشخصية أن ينقل حجم العبثية والفوضى واختلال الميزان الذي وصل إليه حال المجتمع في عقد الثمانينيات، فأصبحت القاعدة إذا أردت النجاح والشهرة والمال والسلطة فليس هناك طريق أمامك سوى تجارة المخدرات، فحتى لو كنت خبيرًا كيمائيًا تملك من العلم بحارًا ومحيطات ليس مسموحًا لك إلا بمرتب مكون من بضعة جنيهات تكفيك أنت وزوجتك فقط على حياة متوسطة، أما إذا أردت الإنجاب وتعليم طفلك بمدرسة جيدة فطريق الحرام أمامك ويجب أن تستمع إلى نصائح مزاجنجي الذي درس القانون ولا يحمل شهادته.

الوطن في عيون المصريين

تدمع عين المصريين دائمًا إذا ذكرت وطنهم داخل إطار أية جملة مفيدة أو حتى غير مفيدة، فحب الوطن فطرة ولدوا عليها وليست صفة مكتسبة، فحاول أن يقدم ذلك الساحر في أكثر من عمل فني بدأهم بفيلم «إعدام ميت» الذي قدم فيه شخصيتين: الأولى رجل القوات المسلحة عز الدين الذي ضحى بكل شيء، بما في ذلك جزء من جسده، حتى تنجح مهمته في خداع الإسرائيليين الذين تمكنوا قبل ذلك من تجنيد منصور والعمل جاسوسًا لهم.


الأشخصية الأشهر لـ محمود عبدالعزيز


ثم كانت شخصيته الأشهر التي قدم من خلاها سطورًا كثيرة من مشاعر حب الوطن عبر مسلسل «رأفت الهجان»، التي جسد خلالها أحد أشهر الشخصيات الجاسوسية في الوطن العربي وصاحب البطولات الكثيرة في خداع إسرائيل: رفعت علي سليمان الجمال، صاحب الاسم الحركي وفقًا لسجل المخابرات المصرية «رأفت الهجان».


لكن، قبل ذلك كان لا بد أن يظهر الكم الكبير من الفساد الذي توغل في مؤسسات جمة، فقدم شخصية مرتضى السلاموني في فيلم «يا عزيزي كلنا لصوص» ليوضح من خلالها أن الفساد المسيطر على تلك الفترة لم يخرج للمجتمع إلا فاسدين، وحتى الصالح منهم سيدرك في النهاية أن الفساد والسرقة والنصب الحل أمامه للوصول إلى أهدافه في مجتمع سيطر الفساد عليه.


إقرأ أيضًا: سمير غانم.. حكاية 84 عام من الضحك


الأب الكفيف


وبعد الهجان ومغامراته، قدم الساحر واحدًا من أهم الشخصيات في مشواره الفني: «الشيخ حسني»، الأب الضرير الذي تتلخص أحلامه كلها في قيادة موتوسيكل دون مساعدة أحد، ويعاني وحدة قاسية بعد وفاة زوجته لا يستطيع الهرب منها إلا بحديث مع بعض السكارى والمخمورين حول «قاعدة جوزة»، كما أكد في فيلم «الكيت كات»، وقد حصل من خلال تلك الشخصية على جائزة أحسن ممثل بمهرجان دمشق السينمائي ومن بعدها بمهرجان الإسكندرية السينمائي.


وبعدها وصل الراحل إلى الشخصية التي لقب بعدها بالساحر والتي قدمها في فيلم يحمل اسم «الساحر»، التي حصل من خلالها على جائزة أحسن ممثل بمهرجان القاهرة السينمائي، ومن خلال تلك الشخصية حاول الساحر أن يثبت أن داخل المصريين سحرًا خاصًا يمكنهم من التعامل مع أحلك وأصعب الظروف والتحايل عليها.


نجاح «إبراهيم الأبيض»


ثم ظهر في شخصية تاجر المخدرات الجامع بين السلطة والهيبة والحكمة في ذات الوقت «عبدالملك زرور» في فيلم «إبراهيم الأبيض»، الفيلم الذي لم يكتب له تحقيق النجاح المأمول من عمل يجمع في بطولته بين نجمين بحجم الساحر وأحمد السقا. ولكن، مع عرض العمل تليفزيونيًا حقق نجاحًا غير مسبوق وتفاعل الجميع مع شخصية الساحر في الفيلم، الرجل الذي رغم ما يملكه من سلطة ونفوذ وحكمة لا يستطيع التخلص من نقطة ضعفه المتمثلة في حبه لفتاة من عمر أولاده.


باب الخلق


محفوظ زلطة في مسلسل «باب الخلق»، إحدى الشخصيات التي أبدع فيها الساحر ونجح من خلالها في الكشف عن عيوب جميع فئات المجتمع المصري دون استثناء، بدءًا من المسؤول الذي لا يبحث إلا على تأمين المؤسسات وليس الإنسان، وحتى المواطن الذي تهاون في حقه وفي آدميته وقبل أي عمل بسيط حتى يستطيع العيش.


أبو هيبة في جبل الحلال


وبعد عامين كاملين من تقدين هذا المسلسل، كان عشاق النجم الراحل على موعد مع رائعة درامية جديدة لفنانهم المحبوب، حين قدم بالموسم الرمضاني من عام 2014 مسلسل «أبو هيبة في جبل الحلال»، الذي اختاره فيه تلك المرة أن ينقل على الشاشة الصراع الذي يعيشه تاجر سلاح ومخدرات يحاول أن يستغني عن كل ذلك ويعود إلى العمل الشريف الحلال، بعد ندمه الشديد على اتجاهه لهذا الطريق من البداية.


إقرأ أيضًا: في عيد ميلادها الـ 80.. ليلى طاهر أخر الجميلات والشاهدة على الزمن الأصيل

بكالوريس الزراعة

النجم الراحل حصل على بكالوريس الزراعة من جامعة الإسكندرية عام 1966، ومن بعدها تحصل أيضًا على درجة الماجستير في العلوم الزراعية، أخر الأعمال الفنية التي قدمها كانت عام 2016، وهي السنة التي شهدت رحيله لكنها اشتملت كذلك على آخر مسلسلاته «رأس الغول» الذي جسد به شخصيتي «فضل الغول، درويش الكتيان»، كما قدم خلالها أخر مسلسلاته الإذاعية «العملية صهللة» لصالح إذاعة راديو 90 90.


نوستالجيا شخصيات محمود عبدالعزيز


كل تلك الشخصيات وغيرها العشرات كانت العامل الرئيسي في صناعة نجومية امتدت لعقود من الزمن وجعلت من الساحر مطلب جماهيري دائم بكل موسم درامي رمضاني وغير من المواسم السينمائية المختلفة.


كما أن الدليل الواضح على نجاح تلك الشخصيات كذلك وتأثيرها في وجدان الكثير من المصريين، كان قيام الكثير من الأعمال الفنية الكوميدية بالأخص بمحاولات استنساخ تلك الشخصيات، حتى تشعر مشاهديها بحالة من النوستالجيا والمتعة، كما حدث مع أكثر من شخصية للساحر وبالأخص «الشيخ حسني» وكذلك «عبدالملك زرور» وأيضًا «رأفت الهجان».


حياة عائلية


وبعيدًا عن الشخصيات والأعمال الفنية والجوائز والتكريمات، فقد عاش الراحل حياة عائلية مستقرة مع زوجتها الأولى السيدة جيلان زويد، التي أنجب منها ابنيه الفنان محمد محمود عبدالعزيز وشقيقه الفنان كريم محمود عبدالعزيز، والتي انفصل عنها بعد ذلك وتزوج من المذيعة بوسي شلبي، واستمرا زواجهما حتى رحل عن عالمنا الدنيوي تاركًا خلفه مسيرة فنية طويلة ستحيي ذكراه وستخلدها لعقود طويلة مستقبلًا.

نفس الطريق

نجلي النجم الراحل سارا على نفس طريقه وامتهنوا الفن والتمثيل كذلك، إذ قدم كل منهما عشرات الأعمال الفنية التي أثبتت حجم مواهبتهما أمام الجماهير، وكانت تلك الأعمال بمثابة جواز السفر الذي عبر بهما إلى قلوب الجماهير العاشقة للسينما والدراما، ولم تقتنص بأي شكل من رصيد محبة والدهما في قلوبهم.


فالأبن الأكبر الفنان محمد محمود عبدالعزيز، وبعد أن قدم العديد من الأعمال الفنية كمنتج، اتجه في الفترة الأخيرة إلى التمثيل وكانت أحدث تجاربه مسلسل «نقل عام» الذي نال عليه إشادات واسعة من الكثيرين، أما الأبن الأصغر كريم محمود عبدالعزيز فقدم هو الأخر عشرات الأعمال الفنية التي ضمنت له أن يكون أحد نجوم عالم السينما والدراما، خاصة بعد النجاح الملحوظ للجميع الذي حققته أحدث تجاربه السينمائية بالأخص فيلمي «موسى، من أجل زيكو».


رحلة مرض


ووفقًا للأحاديث تليفزيونية سابقة للنجم محمود عبدالعزيز، فأن النجم الراحل أصيب بعدة أمراض على مدار حياته إلا أن أخطرها كان السرطان الذي هاجمه في أواخر حياته ولم يكن يعلم أنه مصاب به، إذ بدأ الأمر معه بآلم شديد بأسنانه فظن أنه يعاني من تسوس أو مشاكل صحية بأسنانه قبل أن يكتشف إصابته بمرض السرطان وتوغله بعدد ليس بالقليلة من أجزاء من جسده لدرجة جعلته يشعر بألم كبير، وأجبره على قضاء أيامه الأخير داخل إحدى حجرات الرعاية الصحية الخاصة بمستشفى الصفا، بحي المهندسين التابع لمحافظة الجيزة، قبل أن تنقل روحه إلى السماء، كاتبًا السطر الأخير في حياته ومجسدًا أخر مشاهده في هذا العالم الزائل.


وفاة أسطورة


رحيل النجم الراحل وقتها أصابت مصر والعالم العربي أجمع بحالة كبيرة من الحزن، خاصة بعد انتشار عدد من الصور لنجليه أمام المستشفى التي قضى بها أيامه الأخيرة، وحالة الحزن تسيطر على ملامحهم وتكسو وجوههم.

أما جنازة الراحل فكانت أشبه بمشهد سينمائي اجتمع فيه كل نجوم ونجمات ومشاهير مصر والعالم العربي، حتى يودعون الأسطورة الفنية محمود عبدالعزيز إلى مثواه الأخير بمدافن أسرته، تنفيذُا لوصيته، التي كان قد كشف عنها الإعلامي محمود سعد في برنامجه «باب الخلق» حين قال  بأن النجم الراحل كان قد أوصى نجليه بدفنه بتلك المقابر بعد وفاته، وبأن يحرصوا على رش مياة من البحر على قبره كلما يزوره.

الوسوم:

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *