القسوة والعاطفة والعلاقات المتعددة في قفص الاتهام
مقال لـ الدكتورة زينب السعدني
هل القسوة في التربية
والعلاقات المتعددة سبب رئيسي في إخفاقات الرجل وفشله؟
أثبتت بعض التجارب
والأبحاث العلمية والدراسات أن الرجل متعدد العلاقات المحرمة يكون غير مستقر عاطفيا
وبالتالي إذا كان في أكثر من علاقة عاطفيه
يكون مرهق داخليا ومشتت ذهنيا وتعبان عاطفيا فلا يستطيع ان يجد التركيز في عمله
أو أن يبدع فيه لأن كل علاقة تستنزف من طاقته وتأخذ من وقته و قوته فيكون في حيره مستمرة
من أمره مابين هذه وتلك بينما المستقر عاطفيا والمتزوج يكون أكثر هدؤا وثباتا وتركيزا
ويكون قويا في عمله وبالتالي ناجح ومبدع ولذلك شرع الله الزواج حتى يعين الشخص علي
تحمل مسؤولياته.
ويأتي سؤال ما
علاقة القسوة أو العاطفة بهذا الشأن؟ وللإجابة علي
ذلك نقول أن القسوة أو العاطفة هي نتاج من مؤثرات خارجية من التربية فتكون عميقة في
شخصيته وتكون جزء من كينونته فما يصدر منه من فعال تؤثر علي من حوله ولكي نفهم ذلك
أكثر تعالوا نغوص سويا في بحور وأسرار النفس البشرية ونستخرج الإجابة ونجد الكنوز.
ما هو الإنسان؟
الإنسان هو عبارة
عن روح ونفس ومشاعر مجموعة في جسد واحد فالروح علمها عند ربي في كتاب أما النفس البشرية
فهي إما تكون عبارة عن صفات مكتسبه أو صفات وراثية، وكل هذه الصفات تكون سبب رئيسي
في تكوين شخصية الفرد وتتكون معظم هذه الصفات من مؤثرات التربية فمن تربي علي أشياء
وصفات سويه وكانت البذرة سليمة كانت الشخصية سليمة ومتزنه، ومن تربي علي مؤثرات
بها خلل في بعض المفاهيم الخاطئة كانت الشخصية غير متزنه..
مثال علي ذلك القسوة، فبعض الناس يري
أن القسوة هي سبب قوي في بناء الشخصية القوية وهذا طبعا تفكير خاطئ وليس المقصود بالقسوة
الضرب فقط ولكن القسوة تشمل عدم الإحساس بالأخر وما يقدمه لهم من أفعال حتى وان كانت
بسيطة، فيتوجب علي الإنسان أن يشكر علي القليل مصداقا لقول رسول الله من لم يشكر الناس
لم يشكر الله فمن لم يتعلم فن شكر الأخر لن يتعلم شكر خالقه، وتجد الشخص القاسي يجد
أن في العاطفة ضعف ولم يؤمن باحتياجاته العاطفية فلا يؤمن ببشريته فهذا خلل نفسي والقسوة لا ترتبط نهائيا بالمستوي
المادي أو التعليمي إطلاقا ولكنها ترتبط ارتباطا وثيقا بما تلقاه الفرد في المعاملة..
فعلي سبيل المثال أيضا ليس عدم
التقدير فقط من القسوة ولكن تجد بعض الناس إذا اخطأ احد أبنائهم خطأ ولو بسيط يعنفوه
بشد معتقدين انه بذلك من حسن التربية أن يعاقب
بشده علي هذا الخطأ، حتى وان كان الخطأ بسيط
معتقدين انه بذلك يربوه علي القوه والشدة
والصلابة معتقدين انه بذلك يدفعوه أن يكون حريصا علي عدم الوقوع في الخطأ مره أخري
فهذا خلل نفسي لأنه من سيكولوجية النفس البشرية الخطأ..
هكذا خلقها الله
تخطيء فتتعلم من الخطأ ولكن للأسف كثير من الناس لا تفهم هذه النقطة تعتقد أن في الخطأ
عار وعيب وهذا يكون بسبب أيضا نوع من الكبر تلقاه الشخص في تربيته أحيانا أو الغرور
لان المتكبر لا يتخيل أن ينظر له الأخر نظره تقلل منه فلذلك تجده يحرص كل الحرص علي
أن لا يكتشف احد أخطاؤه، وهذا أيضا خلل لأن الله عز وجل قد خلقنا بهذه الصورة حتى نفعل
شيئين أن نتعلم من أخطائنا فنعرف الصواب من الخطأ، والأخرى أن نتعلم العودة لخالقنا
فهذه الشدة أو الصلابة في التربية تؤدي إلى انكسار الشخص نتيجة لكل هذه المفاهيم الخاطئة
في التربية فبتالي يضعف في مواجهة الأزمات إما الشخص القوي هو من يكون لديه المرونة
والاحتواء فيحتوي الأخر ويكون مرن معه عندئذ تكون شخصيته شخصيه متزنه وإذا تعرض للأزمات
يمكنه تخطيها بسهوله.
ولكن كيف تكون
العاطفة سبب في الفشل ؟
تكون العاطفة سبب
في الفشل إذا كانت ضعف بمعني إذا زادت عن معدلها الطبيعي وأن لم يكن هناك ما يحكمها
أو يضع لها المعايير المناسبة فمن تعود علي العطاء الدائم يصبح ما يقدمه من تضحيات
حق مكتسب مع الوقت وإذا منع هذا العطاء أصبح في نظر الأخر مذنب ومخطئ لذلك لابد من
التوازن بين العاطفة والقسوة لابد من المرونة والاحتواء حتى يكون الإنسان سوي متزن
يمكنه تخطي الأزمات وصعوبات الحياة.
كيف يمكن للإنسان
في تعاملاته مع الآخرين أن يكتشف إذا كان الأخر به خلل نفسي أم لا ؟ وما موقفه إذا
وجد خلل نفسي وكيف يعالجه في الأخر؟
يمكن للإنسان أن
يعرف إذا كان الأخر به خلل نفسي أم لا من خلال بعض الاختبارات يقوم الشخص باختبارها
سواء بطريقه مباشره أو غير مباشره معه وتكون
أكثر وضوحا في المواقف التي تجمع بينهما كالمواقف الحياتية يعني علي سبيل المثال أن
يفعل شيء بطريق الخطأ بسيط و متعمدا مع زميله المراد اختباره ويقيس رده الفعل منه فإن
كان رد الفعل قاسيا عنيفا صامتا لا يقدر ما فعله زميله معه من خير سابقا كان به خلل
نفسي إذا وجد انه مشتت عاطفيا وذهنيا ومجهد عاطفيا فهو متعدد العلاقات المحرم وبه خلل
نفسي وهكذا إذا وجده حنونا محتوي عاطفي باتزان يكون الشخص متزنا عاطفيا وهكذا فلابد
أن يكون الجانبان متساويان فلا يستطيع أحد أن يعيش بالشدة والصلابة وحدها ولا العاطفة
وحدها لابد من وجود مزيج بين الاثنين ولابد من وجود توازن بين الاثنين حتى يستطيع الإنسان
أن يؤدي ما عليه في هذه الحياة من مسؤوليات وأن يستطيع أن يتخطي الأزمات والعقبات ويبدع
في عمله.
إذا وجد من به
بعض الخلل النفسي والصفات الغير سويه ما الحل
؟وكيف نعالج هذا الأمر؟
وللإجابة علي ذلك
يتلخص في عده نقاط إذا كانت هناك الرغبة في علاج هذا الشخص نفسيا
أولا: الإحسان
ثم الإحسان، وهو أن تحسن إليه بأن تظهر له أفضل ما عندك من أخلاق وصفات لتجعله يراك في أحسن صوره كما تفعل مع خالقك فتظهر أفضل
ما بداخلك لله لعلمك انه يراك وتكون متزنا
معه عاطفيا وصادقا ومخلصا لله في تعاملاتك معه لان الله عز وجل عندما يجدك تفعل ذلك
معه ابتغاء مرضات الله ولتكسب رضي وحب الله وتعلم يقينا أن القلوب بيد الله يقلبها
كيفما يشاء وهو وحده القادر علي تغييره ثم ترمي البذرة وتتوكل علي الله ولا تترقب نمو
البذرة فكن علي يقين تام أن الله سيغيره للأفضل أن شاء الله .
ثانيا: الصبر
ثم الصبر، وأن يتعامل المرء مع الشخص علي أن به بعض الخلل النفسي فيصبر علي أخطاؤه
ويتجاوز عن هفواته.
ثالثا: النصح الذكي الرقيق، وهو النصح بطريقه
غير مباشره وكأنك تذكر بعض عيوبه علي أنها عيوبك أنت وانك تحاول أن تجد الحل في معالجه
هذه العيوب والأخطاء.
رابعا: الإنصات
له وسماعه، هو أن تشعره بالأمان والطمأنينة والإحساس به والاستماع له
بكل جوارحك.
خامسا: تخبره
بمدي حبك له، هو أن تشعره انك دائما بجانبه وتشعر به وتشعر ما بداخله حتى وإن لم يخبرك بما يمر به في حياته
من ظروف وانك ستظل داعما له وتسانده.
سادسا: وجود
منطقه مشتركه بينك وبينه وتساعده في عمله وتركز في هذه المنطقة المشتركة معه وتزرع
فيها كل ما هو جميل بإحسان وإخلاص.
سابعا: أن تجعله
يري فيك القدوة الصالحة والنموذج المثالي لما يرجوه ويتمناه في حسن المعاملة
معه ومع غيره.
ثامنا: أن تجعل
من نفسك رمز لكل ما هو شيء جميل يعبر عنك وعن شخصيتك وكينونتك وان تكون أنت في
ذاتك مثل النحلة تنتقي من الأزهار أفضلها وتخرج أفضل ما فيك وان تنتقي من كل شيء أجمله
وانفعه لك ولغيرك.
الدكتورة: زينب
السعدني
دكتوراه في الإعلام
وصناعة المحتوى