سائق في أمسية شعرية
على أرض محافظة
بورسعيد وبالتحديد في المدينة الشبابية كنت أحضر مؤتمر العامية «شمسية مصر» وشملت الأمسية
الشعرية العديد من شعراء أنحاء مصر المختلفة، وتنوعت الأمسية
بين شعر العامية والفصحى والزجل والشعر «الحلمنتيشي» والغناء أيضا، كانت ليلة حافلة
بالأدب والشعر وعمت البهجة والسعادة في أرجاء القاعة.
وبينما أنا أتابع
فقرات الحفل بكل حواسي وفي ترقب التقطت عيني هذا الرجل الذي يجلس في الصف الأخير من
القاعة، يترفل في جلباب بلدي ويتابع الحفل بشغف، تركت المقعد الذي أجلس عليه واقتربت
منه، جلست في المقعد المجاور له، جلست أفكر كيف أفتح معه كلام، وقبل أن أصل إلى صياغة
لبدء الكلام معه، عاجلني هو بالسؤال قائلا: «أنا عايز أصور الشعراء فيديو.. ممكن تقولي
إزاي؟»، تناولت الهاتف منه وضبطت يده على وضعية التصوير وقلت له: «اضغط هنا».
أخذ يصور مقاطع
الفيديو وعلى وجهه فرحة الأطفال، ويترك الهاتف ويصفق بحرارة لمن يعجبه من الشعراء،
وهنا قررت أن أكسر حاجز الصمت، وسألته: «أنت من بور سعيد؟»، أجاب بلا وأنه من كفر الشيخ
ولما نظرت له مستفهما أضاف أنه السواق الخاص لشعراء كفر الشيخ واسمه جميل أبو حطب،
يبلغ من العمر 48 عاما، بدأ مهنة السواقة قبل ثلاثين عام، وكان يعمل على سيارة نقل
قبل أن يبيعها ويشتري «الميكروباص» الذي يعمل عليه الآن، لأن شغل النقل الثقيل متاعبه
كثيرة ومن الصعوبة بمكان تحملها.
متزوج ولديه خمس
أبناء، جميعهم في مراحل التعليم المختلفة، لأنه إذا كان لا يعرف القراءة والكتابة فلا
يريد أن يصبحوا أبناءه مثله غير متعلمين، وأنه دخل القاعة لأنه مل الجلوس بالخارج،
وأعجبه الشعر والغناء لأنه سميع ويقدر الفن وأهله.