بيت الثقافة الجماهيرية..مخرجو المسرح يقدمون روشتة نهوضه من جديد
طلبة: ندرة المسارح وقاعات التدريب وضعف
الماديات تؤثر على المخرج والعرض
المنسي: الخبرة وحب العمل يساعدان في
تجاوز الصعاب والعقبات
طه: غياب المسرح الجامعي ونقص فرق
التمثيل أضاعا مواهب عديدة
البنهاوي: إذا صدقت النوايا صفت القلوب
وتحقّقت الإنجازات
رامي: نعاني من قلّة الحضور الجماهيري
وضعف الدعاية
كتبت: جهاد طه رزق
حديث
الروح للروح يسري، وتدركه القلوب بلا عناء، والمسرح ليس خشبة صامتة، ولا منظرًا
بديعًا، ولا تصميمًا وإضاءات وديكورات مبهرة وحسب؛ إنّه روح تحمل الإبداع والفنّ
والقصّة والحبكة الروائية، في أعظم مشاهدها التمثيلية والإبداعية، لتنقله إلى
الصفوف الأخرى، حيث روح الجمهور وتفاعله ضحكًا وسرورًا في مرات، ودموعًا وبكاءً
حينًا، وشدًا وجذبًا وتسارع نبضات مرات أخرى، متناولًا قضايا من حياتنا الثقافية
والسياسية والاجتماعية، ومعالجًا لها وباعثًا لنهوض الفكر ورقيّه، وموجّهًا رسائل
للتوعية والتنمية والتطوير؛ فيحصل البناء النفسي، وتسمو القيم الأخلاقية
والإنسانية.
وعلى مرّ الزمان، قدّم المسرح المصري أعمالًا خالدة، شكّلت الوجدان وأثرت الحركة الفنية والأدبية والشعبية والمجتمعية، لكنّها تضاءلت منذ أكثر من عقدين، ودَوَتْ أنّاتُها وصرخات الموهوبين والقائمين عليها لإيقاظها من الرقود، وتجهيزها وتصفيتها وتخليصها من الركود؛ فتعود وترسم البسمات، وتساهم في حلّ الأزمات، وتشكّل وعيًا وترسّخ حضارة وقيمًا وثقافة، لهذا تحدث «الفيتشر» مع عدد من مخرجي المسرح علنا نجد لديهم روشتة لإنقاذ بيت الثقافة الجماهيرية في مصر من هذا الوضع المُحزن.
تجهيزات ضعيفة
يقول المخرج
حمدي طلبة إنّ هذا اللون الفنّي يعاني حاليًا منعدم توفّر المسارح وقاعات التدريب
المناسبة في أغلب بيوت الثقافة وقصورها، وضعف أجهزة الإضاءة والصوت؛ ما يؤثّر على
جودة العرض. إضافة إلى
معاناة المخرجين أنفسهم من ندرة وجود الاستراحات للمغتربين، وقلّة البدائل النقدية
للإعاشة والانتقالات؛ فيصعب السفر من محافظة لأخرى.
وأوضح «طلبة» أنّ الروتين
يمثّل عائقًا كبيرًا في تأخير الإنتاج الفني، بينما يحتاج هذا الفنّ المرتبط
بالثقافة الجماهيرية آليات أكثر مرونة، والابتعاد عن البيروقراطية، وكذلك توفير
الدعم اللوجستي من أجهزة إضاءة وصوت... إلخ، ووضع
لائحة خاصة بإقامة المخرجين وإعاشتهم، خصوصًا في المواقع النائية.
عقبات
من جانبه، قال المخرج السعيد المنسي إنّ مشاكل الثقافة الجماهيرية تختلف عن مشاكل مسرح الهواة، فالوقت قد يمثّل لهم معضلة كبرى، ونحتاج إلى مدّة زمنية للتدريب ومساحة عالية من الدقة.كما إنّ ضعف تجهيزات المسارح يحدّ من خيال المخرج،ويُضعف جودة العرض؛ إلا أنّ الخبرة وحب العمل يساعدان في تجاوز الصعاب والعقبات وكأنها لم تكن.
وأردف «المنسي» بأن مشاكل الثقافة الجماهيرية تختلف عن مشاكل مسرح الهواه، ومؤكدًا بأن الوقت قد يمثل معضلة كبيرة وخاصة مع الهواه قد نحتاج لوقت كبير للتدريب ومساحة عالية من الدقة، وأضاف المنسي بأن ضعف الإنتاج يجعل بعض المخرجين يعملون بطريقة معينة، ولكن الخبرة والدقة وحب العمل تجعلنا نتجاوز الصعاب والعقبات كأنها لم تكن.
مواهب شبابية
وقال المخرج أسامة طه إنّه يواجه في محافظة المنيا عقبة عدم اكتمال تشييد قصر الثقافة،كما ترتفع تكلفة إيجار المسارح الخاصة،في ظلّ صعوبة الإنتاج وضعف التمويل. إضافة إلى غياب المسرح الجامعي منذ عام 2006،الذي كان منبعًا لظهور المواهب، وكذلك نقص فرق تمثيل الثقافة؛ على الرغم من وجود قسم «علوم المسرح» بكلية «الآداب» جامعة المنيا.
ويلفت «طه» إلى أنّ
الحلول غير المألوفة تكون لها الأولوية في هذه المواقف، وهناك نماذج شابّة يؤمنون
بقيمة المسرح وكونه جزءًا من حياتهم، ويبذلون طاقاتهم لتخطي الصعاب وعرض أعمالهم
الفنية؛ أمثال كيرو صابر مدير فرقة «تياترو الصعيد»، ومهند
المهدي مدير فرقة «الشطرنج»، ومحمد عجيزي
مدير فرقة «كواليس»، وحسام
البحيري مدير فرقة «ملك وكتابة»، وغيرهم من
المخرجين الذين صمدوا أمام الصعاب التي واجهوها لإقامة مسرحياتهم.
العقبة الكبرى
ويرى المخرج
أحمد البنهاوي أنّ السبب الأساسي لوجود المسرح الثقافي هو بثّ القيم الأخلاقية في
المجتمع، وأبرز عقبة تواجه الأعمال هي عدم الدقة في اختيار القضايا وطرحها،
والعشوائية في الاقتراحات؛وهذا يتطلّب خطة واضحة ودقيقة لتطوير المسرح الجماهيري،
وفهم الغاية مما يقدم على خشبته، ومناقشة العروض ذات القضايا المهمة.
ويلفت إلى أنّ
مسارح الثقافة الجماهيرية تمتد من أسوان حتى الإسكندرية،وفرقهاالفنية تحظى بعدد
كبير من الموهوبين على مستوى الجمهورية، فما بين 220 و240 فرقة، متوسط
الواحدة 20 فردا.
ويضيف «البنهاوي» أنّه يحاول
قدر استطاعته يواجه أزمة الدعم المادي،خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية،
ويؤمن بأنّه «إذا صدقت النوايا صفت القلوب» .
لتلاشي الفجوة
من جانبه، يرى المخرج «رامي محمد» أنّ عقبات المسرح حاليًا تكمن في إسقاط الجمهور من الحسبان، والاكتفاء بتقديم بعض العروض أمام لجان التحكيم فقط، فيندثر العرض والفكرة والجمهور وتحدث الفجوة. إضافة إلى عدم كفاءة الفنيين العاملين بالمسرح، وقلّة الدراية بالتقنيات التي تقدم على خشبته.
ويقول «رامي» إنّ هيئة قصور
الثقافة عليها أن تضع في الاعتبار، وهي تسعى للنهوض بالمسرح وعودته مؤثرًا كسابق
عهده، ضرورة تطوير أساليب الدعاية وفقًا لتطور العصر،والاستعانة في زمن الرقمنة بالدعاية
الإلكترونية بجانب «الورقية»، ويساعد
كلاهما الآخر لتزداد أعداد الجماهير وتُقدَّم مسرحيات ثقافية بجودة عالية؛ فيرتقي
مستوى الفكر العام، ويتقدم المجتمع.