جاري تحميل ... الفيتشر

مدونة المعافرين في الأرض

إعلان الرئيسية

إعلان في أعلي التدوينة

المعافرون

عاشق في بحر المعرفة.. «عم عبد الحكيم» والكتب رحلة حب عمرها 80 عام

كتب: إسلام كمال

 

يقول الكاتب والشاعر فؤاد حداد إن الثقافة كتب وناس، ويقول ماكيز إن الكلام عن الكتب هي متعة تضاهي متعة القراءة، وفي حياتي أحب أن أجلس إلى الشخصيات المثقفة التي قرأت مئات الكتب، ندردش في الكتب والثقافة وآخر القراءات و مختلف مناحي الحياة، قابلت كثيرا من الشخصيات، المثقفين الحقيقيين والزائفين أيضا، الذين يسعوا ويهرولوا إلى الثقافة أينما كانت، ومحبين «الشو» والتشدق بالثقافة، والذين الكتب بالنسبة لهم كالطعام والشراب، والذين المكتبة في حياتهم مجرد ديكور للفت النظر والإشارة إلى صاحبها بأنه شخص مثقف موسوعي وهو في الحقيقة شخص خاوي هش المعرفة.

 

عاشق في بحر الكتب

 

تعودت التردد على بائعي الكتب القديمة، وهي عادة بدأتها قبل سنوات، أتبادل الحديث مع صاحب المكتبة أو الفرش تارة ومع الزبائن تارة أخرى،  لم يلفت نظري من المترددين على بائعي الكتب إلا شخصيات قليلة، ومن هذه الشخصيات «عم عبد الحكيم» .. رجل تجاوز عمره الثمانين، نظره بحكم السنين ضعف ولا يرى بعينه إلا أشباحا، يجد صعوبة في فك طلاسم عناوين الكتب، يقربها من عينه وتكاد تلتصق بها، سقاه تحمله بصعوبة، ولكن رغم ذلك لم تحول ظروفه الصحية بينه وبين هواية القراءة، الهواية التي بدأت قبل سنوات طويلة، جمع الآلاف الكتب خلال هذه السنوات ومازال يشتري بلا توقف، ليس غنيا ولا صاحب أملاك، هو على باب الله، يجمع الكتب ويخرج حبل «دوبارة» من جيب جلبابه، يأخذ وقت حتى يفك عقدة الحبل، ثم يرتب الكتب ويربطها بالحبل، يحمل ربطة الكتب تحت أبطه ويحيطها باليد الأخرى حتى لا تسقط منه على الأرض، يسير في خطوات وئيدة حتى يصل إلى بيته، يفترش ما حصل عليه وكأنه حصل على كنز، وهذا جلي على ملامحه عند إتمام عميلة الشراء.

 

ثروته آلاف الكتب

 

في الماضي كان يعمل ميكانيكي كهرباء في المطار، وقادته الظروف المحيطة إلى حب القراءة، لأنه كان ملتزم دينيا، يعيش حياة منضبطة غير صاخبة أو لاهية، فكان الكتاب غايته، وبعد بلوغه سن المعاش تفرغ للقراءة، جمع طوال سنوات حياته آلاف الكتب، كان زبون دائم عند بائعي الكتب، يشتري كل ما تطوله يده، حتى صارت الشقة التي يقطنها كلها كتب، تكاد تتعثر قدماك إذا سرت فيها من جبال الكتب التي تغطي جدرانها وأرضياتها، رجل خفيف الظل ودود، يرى أن الدين غير متاح في المساجد الآن، وأن الدروس الدينية هي مجرد قشور من الدين وفي غاية الضحالة، موضوعات مكررة، ومواعيد الدروس في أوقات غير مناسبة في الغالب الأعم، ولذلك كله قرر أن يحصل على الدين من الكتب، وهو الذي كان دائم التردد على هذه الدروس، ولكن في الكتب العلم الوفير والمتوسع، فهو لا يرضى بالقليل ولديه شغف إلى المعرفة دائما وأبدا.. هذا رجل من المنيا قرر أن يقضي ما تبقى من أيامه بين صفحات الكتب، رجل مجهول لا يسعى إلى صيت أو شهرة واهية، رجل قادتني الظروف وحدها إلى التعرف عليه والتقرب منه وتبادل أطراف الحديث معه لدقائق قليلة، دقائق مرت سريعا ولكن أظن وإثم إن لم أظن أن أثره سيبقى عالق في نفسي طوال حياتي.

 

 

 

الوسوم:

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *