جاري تحميل ... الفيتشر

مدونة المعافرين في الأرض

إعلان الرئيسية

إعلان في أعلي التدوينة

حكاية

سيرة الرواية المصرية.. حلقة جديدة من «نعكشة في التاريخ»


أغلفة بعض الروايات المصرية 

إعداد: إسلام كمال


في حلقة جديدة من سلسلة «نعكشة في التاريخ»، يستعرض الكاتب الصحفي إسلام كمال نشأة الرواية المصرية وبداية مرحلة انتشارها بشكل موسع حتى وصلت لأعلى معدل توزيع لها في تاريخ الحركة الثقافية في مصر.


في العصر البائد أو الفائت كانت حركة النشر راكدة، ولم يكن هناك مسؤولي دعاية أو تسويق أو توزيع، فكان النشر في الأغلب الأعم على صفحات الجرائد، وكانت المجلات لا تقبل سوى نشر القصص القصيرة، بلا مقابل، يكفي أن اسم الكاتب يظهر على صفحاتها، فالطبيعي وقتها أن نجيب محفوظ بعد أن يعكف على كتابة رواية سنة يقوم بممارسة الحذف والتنقيح لها لتخرج قصة قصيرة.

 

أشيع في العصر الحديث أن الصحفي محمد التابعي  (1896- 1976) -والذي يعتبر من المؤسسين الأوائل للصحافة المصرية- جمعته علاقة حب جمعته بالفنانة أسمهان، وعندما تُوفيت إثر حادث سيارة، تقودها بمفردها، كانت سيارة تحيه كاريوكا في طريقها الي الإسكندرية للقاء التابعي، لوصل ما انقطع بعد خلاف انتهى بمغادرته للقاهرة، تواترت وقتها الأخبار والشائعات ومؤداها أن الحادث كان مدبرًا، سواء لأنها جاسوسة، أو بمكيدة من زوجة الملك التي راودها الشكّ بأن هناك علاقة بين الملك واسمهان.

 

أسمهان

 

أسمهان كانت جميلة وماتت شابّة، وقبل عرض فيلم غرام وانتقام، التي شاركت فيه البطولة مع يوسف وهبي، وغنت أوبرت "الأسرة العلوية" وعندما وصل جمال عبد الناصر إلى سدة الحكم تم إزالة كل ما له علاقه بعصر فاروق، فحُذف أوبرت الأسرة العلوية من النسخ التي تُعرض على التلفزيون لكنه متاح على اليوتيوب.

 

وعلى هامش سيرة التلفزيون، نشأت معركة بين يوسف إدريس والناقد عبد القادر القط، مفادها أن إدريس كان يستخدم كلمة التلفزيون، بينما اعترض القط وشن حملة حامية الوطيس ضد إدريس، جاء فيها أن إدريس يتنصل من ماضيه ولغته لأن هناك مقابل لكلمة تلفزيون في العربية الثريّة وهي كلمة تلفاز، استقبل إدريس النقد برد "إذا كان اسمه تلفزيون في بلد تصنيعه فلما التفزلق؟" واستمرت وطالت المساجلات بلا فائدة، ودخل التلفزيون مصر في الستينات من القرن المنصرم. 

 

كتب التابعي كتاب عن أسمهان بعنوان "اسمهان تروي قصتها" متاح منه نسخ رقمية على جوجل ومحركات البحث، وشيئًا فشيئًا بدأت حركة النشر تحبو قليلًا بمؤسسة النشر للجامعيين بقيادة السحّار، ومن المؤسف والمقرف أنّه عندما يُذكر اسم السحّار يُذكر كناشر وفقط، رغم أنّ له تجارب في الكتابات الإسلامية وأعمال روائية اندثرت بحكم السنين وطواها النسيان، اهمها "أم العروسة" و"الحفيد" اللذان أخذا طريقهما إلى السينما.

 

 أول رواية

 

أول رواية لمحفوظ كانت "عبث الأقدار" بعد تجربة وحيدة في الترجمة لـ مصر القديمة، وكان اسم الرواية وقتها "أبناء خوفو" ولكن لأسباب دعائية وتجارية استبدل الناشر الاسم بعبث الأقدار، حصل محفوظ من الناشر على 500 نسخة، في وقت كان الكاتب لا يأخذ نسبة من المبيعات كالآن والتي تتراوح بين 10 إلى 15%، وكان على الكاتب أن يجد صرفة في هذه النسخ سواء ببيعها أو توزيعها على أصدقائه أو أقاربه.

 

ذهب محفوظ إلى الشيخ "مصطفى عبد الرازق" أستاذ الفلسفة الإسلامية وأهداه نسخة من روايته "عبث الأقدار" وكان يجلس مع الشيخ مجموعة من أصحابه الذين ثاروا على نجيب محفوظ بسبب اسم الرواية العابث الذي لا يخلو من تجديف وتطاول على الذات الإلهية، وهذا كان من الطبيعي لأن ظل بعض الشيوخ يرفضوا فن الرواية لأن الروائي يتقمص دور الإله لأنه يخلق شخصيات داخل النص ويتحكم في مصائرهم وأقدارهم وهذا فعل إلهي لا يرتقي إليه بشر، دافع الشيخ مصطفى عن تلميذه وفر محفوظ من أمامهم هاربا، حمّل الباقي من الـ 500 نسخة على عربة حنطور، وتوقّف أمام مكتبة تحمل اسم "الوفد".

 

ولما كان محفوظ وفدي ومؤيد لسعد زغلول استبشر خيرًا بالاسم، دخل على صاحب المكتبة وعرض عليه النسخ، قلب البائع في النسخ وسأله: «هو مين نجيب محفوظ ده؟ فأجاب محفوظ بأنا، فجاءه رد الرجل بأنه لم يسمع عن الاسم ده من قبل ولكن يمكنه أن يترك الروايات ويمر عليه كل كام يوم يشوف الحال إيه، شرط أن النسخة تمنها سيكون 10 قروش وكل نسخه تُباع سيحصل البائع على نصف تمنها بينما محفوظ سيحصل على النصف الأخر».

 

 بدأ محفوظ يتردد علي مكتبة "الوفد" وفي كل مرة كان يأتيه الرد بأنّ النسخ كما هي وتأخذ مساحة من المكتبة على الفاضي، وكان محفوظ يطيب خاطر البائع ويخرج مسرعًا من المكتبة خشية أن يطلب منه الرجل أن يحمل النسخ ويغرب عن وجهه، وبعد سلسلة من الروايات كتبها محفوظ وبدأ اسمه في الانتشار مرّ على البائع فوجد أنه لم يبقَ من النسخ شيئًا، أعطاه الرجل عن كل نسخة 5 قروش رغم أن محفوظ كان يعلم أن هذا البائع الضلالي كان يبع النسخة بـ 50 قرشًا لا 5 قروش.

 

مرحلة النشر

 

في مرحلة تالية بدأت الصحف تنشر الروايات ولكن على حلقات مسلسلة أسبوعية تُنشر في ملحق الأدب، وإذا حققت رواجًا وقبولًا عند القرّاء تُطبع في كتاب، شريطة أن يكتب لها مقدمة من كاتب كبير كطه حسين وعباس العقاد والمازني وآخرون، فكان من العادي أن تجد كاتب أقل موهبة من محفوظ أكثر وأوسع انتشارًا منه و"بيست سيلر"، على سبيل المثال الكاتب "أمين يوسف غراب" بخلاف ما جرت عليه العادة من الإعلان والتنويه بجديد الكتب في مربع صغير في الصحف، كان غراب يأتي بخطّاط يقوم بكتابة إعلانات عن إصداراته على جدران المحطات والكباري والكباريهات أيضًا، ولتقريب الصورة أكثر، هو مؤلف فيلم" شباب امرأة" وكانت قصة قصيرة، ولمّا حقق الفيلم نجاحًا منقطع النظير، استغلّ هذا النجاح بإعادة كتابتها رواية، وتقريبًا نقل الفيلم على الورق.

الوسوم:

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *