حالة من القلق بسبب دخول أدوات الذكاء الاصطناعي في العمل

الذكاء الاصطناعي في العمل
كتب: عماد ياسر
في دراسة عن دخول الذكاء الاصطناعي العمل في بريطانيا،
تبيَّن أن مجموعة من الشباب قد تركوا مهنهم المرتبطة بتكنولوجيا المعلومات، وغيرها
من المهن مثل التصميم أو كتابة المحتوى؛ وذلك بسبب هيمنة أدوات الذكاء الاصطناعي
وتصدّرها للمشهد. ومع كل تطوّر جديد، يزداد تراجع دور العنصر البشري ويكاد يندثر.
الذكاء الاصطناعي في العمل وتأثيره على شباب بريطانيا
صرّحت وكالة الأنباء البريطانية عن فتاة تُدعى
"ياروشينكو"، تبلغ من العمر 18 عامًا، وأكدت أنها ترغب في تعلّم حرفة
يدوية لتضمن مصدر عيش مستقر، إذ إن أدوات الذكاء الاصطناعي في العمل تزحف إلى معظم
المجالات لتحلّ محلّ العنصر البشري، حيث تقدم —بحسب تصريحات الفتاة— أداءً يفوق ما
يقدمه البشر. ولهذا قررت أن تتعلّم مهنة السباكة حتى تضمن لنفسها مصدر دخل ثابتًا.
تصريحات ياروشينكو
كانت تصريحات الفتاة تمثّل آراء شريحة كبيرة من الجيل الصاعد في
بريطانيا، الذين أكدوا من خلال دراساتهم أن الذكاء الاصطناعي في العمل يتطور
بوتيرة تثير القلق. ويُذكر أن الفتاة تدرس في كلية "سيتي أوف وستمنستر"
في لندن، وهي من أصل أوكراني.
وبحسب تصريحاتها، فإن أدوات الذكاء الاصطناعي تهدد الوظائف الإدارية
والمكتبية تحديدًا، إذ إن تلك الأدوات —حتى المجانية منها— قادرة على إنجاز الكثير
من المهام التي يقوم بها العاملون في هذه المهن.
استطلاع معهد تشارترد للموظفين والتنمية
المعهد عبارة عن مؤسسة كبيرة تهدف إلى إجراء إحصائيات واستطلاعات
تخدم مجال التنمية البشرية في المؤسسات والشركات الخاصة والوطنية. وبحسب آخر
استطلاع، تم التأكيد على أن تأثير أدوات الذكاء الاصطناعي في العمل المكتبية
والإدارية أكبر بكثير من تأثيره في الحرف اليدوية، وأن وتيرة التطور الحالية ستؤدي
إلى تقليل عدد الموظفين خلال العام المقبل 2026.
الحرف اليدوية هي الأمل
بحسب الدراسة والاستطلاعات أيضًا، فإن الذكاء الاصطناعي في العمل لن
يستطيع أن يحلّ محلّ العنصر البشري في أداء المهام الخاصة بالحرف اليدوية المختلفة
مثل النجارة، وصناعة الأثاث، والسباكة، والحدادة، وغيرها من المهن الحرفية.
كلية "سيتي أوف وستمنستر"
أظهرت التقارير الصادرة عن كلية "سيتي أوف وستمنستر" وجود
تزايد ملحوظ في أعداد الطلاب الذين يتجهون للتسجيل في تخصصات العمران والهندسة
والبناء، أي نحو تعلّم الحرف المرتبطة ببناء المباني وصيانتها؛ لكونها في مأمن من
تأثير تطورات تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.
دراسة أجراها تيسلينك
نواصل عرض التقارير المجمّعة حول الذكاء الاصطناعي في العمل، إضافةً
إلى الاستطلاعات المتعلقة بتأثيره في وظائف الشباب التي يطمحون إليها بعد التخرّج.
وجدير بالذكر أن عدد الموظفين يتناقص في أي مجال تدخل إليه أدوات الذكاء
الاصطناعي.
طلب غير مسبوق على معدات الذكاء الاصطناعي عالميًا
في تصريحات أدلى بها استشاري العلوم الإدارية وتكنولوجيا المعلومات
في G&K، عاصم جلال، أكد أن الدراسات أثبتت وجود
زيادة كبيرة في الطلب على معدات الذكاء الاصطناعي على نطاق عالمي. ويعزّز هذا ما
عرضناه من دراسات سابقة في تقاريرنا حول زحف الـ AI إلى مجالات متعددة.
ويبدو أن الأفلام والمسلسلات التي كانت تُصنَّف ضمن الخيال العلمي قد تتحوّل إلى
واقع، وقد يجد الإنسان نفسه رقم 2 أو حتى رقم 3 في بعض المجالات.
![]() |
| أدوات الذكاء الاصطناعي في العمل |
أدوات الذكاء الاصطناعي في العمل بالترجمة
ومن المجالات التي أصبح الذكاء الاصطناعي في العمل يعتمد عليها بشكل
لافت: الترجمة، والدبلجة، والتصحيح اللغوي؛ إذ إن هناك أدوات مجانية قادرة على
توفير مبالغ كبيرة كان أصحاب العمل ينفقونها على العاملين في هذه المهن.
لا نبالغ إن قلنا إن الذكاء الاصطناعي قد يحتل موقع محرك البحث الشهير "جوجل"، وقد ظهر ذلك بالفعل في تراجع الإقبال على المواقع الإخبارية خلال الفترة الأخيرة؛ إذ أصبح كثيرون يعتمدون على سؤال "جيميناي" و"شات جي بي تي" بشكل أسرع، وأيسر، وأكثر تفاعلية، مما يغنيهم عن استخدام جوجل والمواقع الإخبارية التي تقدّم المعلومات. بل إن من يرغب في معرفة أماكن بيع سلع معيّنة، أو الاستفسار عن عنوان ما وطريقة الوصول إليه، بات يلجأ إلى أدوات الذكاء الاصطناعي بدلًا من تطبيق "جوجل ماب" كما كان الحال في الماضي.
الذكاء الاصطناعي في العمل: أدوات مجانية باللغة العربية
أصبحت أدوات الذكاء الاصطناعي في العمل منتشرة بشكل واسع، وبعضها متاح بالعربية وبشكل مجاني تمامًا، مع تأثير فعّال وملحوظ. ومن أشهر هذه الأدوات برنامج "جيميناي" الذي طرحته جوجل مؤخرًا. ونؤكد أننا نخشى على الكثير من المجالات أن تندثر؛ فالاعتماد على العنصر البشري يظلّ أمرًا جوهريًا، ومن الجميل وجود تطور تكنولوجي، لكن ليس على حساب البشر أو استبدالهم بأدوات الذكاء الاصطناعي.
كلية التربية الأساسية في دولة الكويت
بعد عرض الدراسات الصادرة من جامعات ومؤسسات التنمية البشرية في
بريطانيا، كان من الضروري أن نعرض دراسة عربية أيضًا. فقد أجرى طلاب كلية التربية
الأساسية بالكويت دراسة في عام 2021، هدفها الرئيس معرفة مستقبل التعليم مع تطور
أدوات الذكاء الاصطناعي. وأكدت الدراسة أن الذكاء الاصطناعي في العمل بدأ بوصفه
اتحادًا بين العلوم العصبية والسلوكية والإعلام الآلي، ثم تطوّر ليصبح تكنولوجيا
مستقلة بذاتها، ما زالت تتطور كبنية تحتية أساسية اجتاحت عددًا من المجالات، بدأت
بالتعليم ثم امتدت إلى مهن وصناعات مختلفة. كما بينت الدراسة أن استخدام الذكاء
الاصطناعي خلال السنوات الأخيرة جعل عملية التعلم أكثر فاعلية.
تأثير الذكاء الاصطناعي على الطلاب
أثناء تصفحي
لوسائل التواصل الاجتماعي ظهر فيديو متداول لأستاذ يحطّم هاتف طالبة بعد أن وجدها
تستخدم الذكاء الاصطناعي في العمل على الإجابات، مؤكدًا أن الـ AI يقضي على إبداع الطالب في دراسته أو عمله.
لكن التجارب أثبتت أن الذكاء الاصطناعي في العمل قد يحمل تأثيرًا إيجابيًا على
الطلاب؛ فقد تبيّن أن الطلاب الذين اعتمدوا على الذكاء الاصطناعي في العمل حصلوا
على معلومات أكثر من غيرهم. وجاءت هذه النتائج ضمن دراسة أجراها باحثون في المعهد
الأسترالي للتعلّم الآلي بجامعة أديلايد، وجامعة جنوب أستراليا، إضافة إلى مركز
"داتا 61" التابع لمنظمة الكومنولث للبحوث العلمية والصناعية بأستراليا.
ومن بين التأثيرات الإيجابية أيضًا ازدياد التفاعل بين الطلاب بعضهم
مع بعض، مما يعزز العلاقات الودية بينهم، ويتيح لهم تبادل الفائدة، ويجعل نقاشاتهم
تتمحور حول المادة العلمية بدلًا من الأحاديث الجانبية التي تشتّت الانتباه عن
الدراسة.
الذكاء الاصطناعي بين الإيجابية والسلبية
أكدت الدراسة أنه لا يمكن الجزم بشكل قطعي بأن الذكاء الاصطناعي إيجابي أو سلبي من حيث التأثير؛ إذ يرتبط ذلك بآلية استخدامه، فالنتائج الإيجابية أو السلبية تعتمد على نوعية ما يبحث عنه الفرد وطريقة تعامله مع هذه الأدوات.
