صناع المحتوى
I Told You So.. على ميزان النقاد في «ميدفست مصر»
.png)
كتبت: جهاد طه رزق
في إطار فعاليات "ميدفست مصر" بمحافظة بني سويف، شهدت قاعة المؤتمرات عرض فيلم (I Told you So) تدور أحداثه حول فتاة تعاني من مرض بطانة الرحم المهاجرة، وهو أحد أكثر الأمراض انتشارًا بين النساء، ويصعب على كثير من الأطباء تشخيصه. ومن الجدير بالذكر أن المجتمع يقلل من معاناتها المستمرة، إلى حد أنها اعتادت الألم وقررت التأقلم مع المرض.
تهدف "ميدفست مصر" من خلال هذه المبادرة إلى استكشاف العلاقة بين السينما وصحة الإنسان. حيث تعرض في عدد من المحافظات مجموعة من الأفلام القصيرة التي تناقش قضايا يعاني منها المجتمع، أو تسلط الضوء على موضوعات يجب مراعاتها، مما يتيح تجربة سينمائية متنوعة.
بعد عرض الفيلم، قام الناقد محمد علام بتحليل الفيلم من الجانب السينمائي، بينما تناولت الدكتورة نهال زين الجانب النفسي وتأثير الفيلم على العواطف الإنسانية. وأشار الناقد محمد علام إلى أن هذا النوع من الأفلام يعزز فكرة أن السينما للجميع، حيث يمكن تصوير مثل هذه الأفلام بأبسط المعدات، كاستخدام الهواتف المحمولة أو أي كاميرات يسهل التعامل معها من قبل الأشخاص العاديين، وليس فقط المتخصصين.
وأضاف: "هناك العديد من الأمواج في حياتنا اليومية، والفيلم يستخدم رمزية الأمواج للتعبير عن الصراع والتحديات. وقد نجحت المخرجة في استغلال هذه الرمزية بشكل جيد". كما أكد أن الفيلم لا يطلب من الجميع أن يظهروا كالمحاربين أو الأبطال الخارقين، بل يدعوهم لأن يكونوا على طبيعتهم، وهي فكرة تعامل معها الفيلم بطريقة احترافية وبسيطة.
وأشار إلى أن الفيلم قد يبدو بسيطًا في تصويره، لكنه في الحقيقة يحتاج إلى تحضير طويل، سواء على مستوى الإنتاج أو الإعداد الوثائقي. بالإضافة إلى ذلك، يعكس الفيلم التعامل الواقعي للشخصيات، حيث يظهر الصراع منذ اللحظة الأولى بين الابنة التي تحاول توضيح معاناتها، والأم التي تقلل من شأن مشكلتها وكأنها مسألة بسيطة.
وأكد على أهمية الصمت في الإيقاع السينمائي، حيث يُعد من أهم العناصر المستخدمة لتسليط الضوء على موضوع أو قضية معينة. وأشار إلى أن المخرجة استخدمت الصمت في العديد من المشاهد للتعبير عن المعاناة.
وأضاف الناقد محمد علام: "صناعة أفلام handmade movies تعتمد على تقنيات غير معقدة، وتتطلب تحضيرًا طويلًا. جزء كبير منها يعتمد على المواد الوثائقية، وجزء آخر يتم تصويره خصيصًا، بينما يعتمد بعض المشاهد على الذكريات غير المقصودة. لذلك، نجد أن هذه الأفلام قد تعتمد على الارتجال، مع تحديد هدف واضح لكل مشهد، أما التنفيذ فيُترك لحرية التعبير. السينما هي حق للجميع، وكل شخص يمكنه التعبير عن تجربته بطريقته الخاصة".
واختتم الناقد تحليله بالإشارة إلى أن الفيلم ينتمي إلى حركة "الدوكما"، التي تعتمد على الواقعية في طرح القضايا الحياتية دون تزييف أو تجميل للحقائق، مع تجنب استخدام المؤثرات البصرية. ووصف الفيلم بأنه صادق في طرحه للمشكلات الاجتماعية.
وعن الجانب النفسي أجابت الدكتورة نهال زين: "بالطبع، المرضى المصابون بالأمراض المزمنة، وخاصة مرضى القلب، يكونون أكثر عرضة للاضطرابات النفسية المختلفة، وخصوصًا الاكتئاب. نجدهم يستيقظون بشعور مختلط بين العجز واليأس. ففي بعض الحالات، يستيقظون وهم يشعرون بالألم، مما يجعلهم محاطين بشعور الاستسلام، فيقررون أنهم غير قادرين على النهوض للعمل. ويزيد الأمر سوءًا بسبب المحيطين بهم، الذين قد يرون أن المريض ليس مريضًا فعليًا."
وتكمل الدكتورة نهال زين: "نرى ذلك بوضوح في الفيلم، حيث نجدها تسأل المرضى الذين يعانون من نفس مرضها: كيف تتعايشون مع حياتكم؟ ونتابع كيف يتأثر هؤلاء المرضى بالألم النفسي والجسدي. في الحقيقة، ما فعلته الفتاة كان صوابًا؛ التأقلم مع المرض. الأزمة الحقيقية كانت تكمن في عدم التصديق من المحيطين بها، مما جعل شعور المسؤولية يلازمها دائمًا. لذلك، كانت تحاول تجربة العديد من الحلول بحثًا عن علاج لحالتها. في نهاية الفيلم، نجد أن الإيقاع أصبح سريعًا، حيث تأقلمت مع واقعها. الأيام التي تستطيع فيها العمل والنهوض تفعل ذلك، والأيام التي لا تستطيع فيها بسبب المرض تكون رحيمة بنفسها وتستريح."
وعن تقبل المرض، أجابت: "حتى يتحقق القبول، يجب أن يكون جذريًا؛ أن نقبل المرض بكل تفاصيله وآثاره، مثل الاكتئاب، السرطان، أو حتى عدم تعاون الأهل. في الحقيقة، تقبل هذا الأمر مؤلم للغاية، ولكنه ضروري لتحقيق السلام الداخلي."