«فاترينا قزاز» بين الإهمال والتضحية.. رسالة رمزية للإنسانية
في إطار الموسم المسرحي 2024-2025 بالهيئة العامة لقصور الثقافة، وبإشراف
الكاتب محمد عبد الحافظ ناصف، نائب رئيس الهيئة، يقدم إقليم القاهرة الكبرى وفرع
ثقافة بني سويف العرض المسرحي: "فاترينا قزاز".، تأليف أحمد
سمير وإخراج يوسف الشيخ، فرقة نوادي قصرثقافة
ببا بمحافظة بني سويف، العرض من إنتاج الإدارة العامة للمسرح وبإشراف
الإدارة المركزية للشؤون الفنية.
يقول المخرج يوسف الشيخ «جاء الإلهام لهذه المسرحية من فكرة الإنسان المُهمَل
كالمانيكانات، التي تُعد رمزًا للجمود والإهمال، حيث نرى تأثير هذا الإهمال على
الجانب البشري والنتائج التي قد يسببها من أذى نفسي، وهو ما ينعكس على المانيكانات
في العرض المسرحي، وفي الحقيقة، أحب أن أشير إلى أهمية النظام في حياة الإنسان،
ومن هذا المنطلق أرى أن الجمهور قد يتأثر بالجوانب التي أردت التركيز عليها في عرض"فاترينا قزاز":، مثل
أهمية النظام، إلى جانب فكرة التضحية المطلقة. فقد سعيت لإبراز
أهمية الآخرين ومساهمتهم في حياتنا، حتى لو كانوا مظلومين أو غير ملاحظين، مع
التركيز أيضًا على أضرار التضحية المطلقة».
ويكمل«رؤيتي
الخاصة تتمحور حول خلق مشاهد بصرية تحاكي الدراما، حيث يظهر هذا في التحول من
الجمود إلى الحياة والعكس، مع خلق أجواء مؤثرة تدعم رسالة التضحية، أحببت النقاش
مع فريق العمل، لأنني أدركت أهمية ذلك كثيرًا، فقد ساهم الجميع في تطويرأفكاري
لإخراج عرض يليق بالجمهور، بالإضافة إلى ذلك ألهمني ذلك لتصميم حركات المانيكان
بشكل دقيق يُعبِّر عن القيود والعبودية. التحول بين المانيكان والبشر يجب أن يكون
سلسًا ومؤثرًا باستخدام أداء الممثلين والإضاءة. كما يتم استخدام
تقنيات بصرية تُعبِّر عن الكسر والتضحية».
وأردف قائلًا «القصة رمزية عميقة تعتمد على المانيكان كشخصيات تُعبِّر عن
مشاعر وصراعات إنسانية. النهاية المؤثرة تمزج بين الأمل والحزن، حيث يتم
التركيز على قضايا إنسانية مثل الإهمال، التضحية، والسلبية المجتمعية. حركة المانيكان
تكون ميكانيكية وبطيئة في البداية، ثم تتحول إلى سلسة عند تحولهم إلى بشر».
ويختتم «يتم
استخدام الرمزية في الإضاءة لإظهار التحولات العاطفية والجسدية. تُستخدم الإضاءة
أيضًا للإشارة إلى التحول من الجمود إلى الحياة، ولتسليط الضوء على لحظات التضحية. يتكون الديكور من
مخزن يعكس الإهمال، مع تغييرات تدريجية تُبرز التحولات الدرامية، حيث إنه عبارة عن
مخزن مليء بالأتربة والزجاج المكسور والمانيكانات المتكسرة. المسرحية تنتمي
إلى المدرسة الرمزية والتعبيرية، لأنها تستخدم رموزًا مثل المانيكان والزجاج
لتمثيل مشاعر وتحولات إنسانية عميقة».
يقول أكرم عبد المنعم، أحد أبطال العرض المسرحي« جاذبية وقبول
الدور كانا بسبب اختلاف الشخصية عن الشخصيات الأخرى في النص، لذلك سعيت إلى تجسيده. شعرت أنه يمثل لي
تحديًا، لأن الشخصية في النص مانيكان فارغ من الشعور والأحاسيس، وأردت أن أحوِّلها
من شخصية لاشعورية إلى شخصية شعورية وحساسة باستخدام أدوات الممثل التي أمتلكها. قمت بتحضير
الشخصية بمساعدة الأبعاد الثلاثة التي ألتزم بها عند دراسة كل شخصية، وهي: البعد النفسي،
البعد الاجتماعي، والبعد الجسدي، لبناء شخصية صحيحة. لم أستعن بأي
مراجع، لكنني عملت على الشخصية بناءً على خبرتي التي اكتسبتها خلال مسيرتي في
التمثيل المسرحي. لا توجد جوانب مشتركة بيني وبين هذه الشخصية، إلا أن
الشخصية منعزلة تمامًا، بينما أنا شخص اجتماعي للغاية».
ويضيف«النص
يعتمد على فكرة الشعورية واللاشعورية، ويسعى لتوجيه رسالة قوية، وهي أن فرصة الحلم
متاحة في أي وقت، حتى وإن استدعت التضحية. المسرح يلعب
دورًا قويًا ويوصل رسالة دائمًا، ولكن من وجهة نظري، الإحساس هو الرسالة الحاسمة
لكل رسالة في العالم، لأنه لغة النفس. بالنسبة لي، الإحساس يسبب الاقتناع دائمًا
وأبدًا».
ويختتم قائلًا «تشجيع الجمهور على العودة إلى المسرح، رغم انتشار مواقع الترفيه،
لن يتحقق إلا إذا قامت الإدارة العامة للمسرح بدراسة هذا الأمر بعمق، لكي تبقى
متعة المسرح هي المتعة الفنية الأولى بشكل أكبر وأعمق».
يقول عمرو مصطفى الجارحي «كان التحدي في تجسيد الشخصية بطريقة واقعية ومؤثرة. بدأت الاستعداد
من خلال قراءة النص المسرحي عدة مرات، إلى جانب إجراء أبحاث شاملة حول الخلفية
التاريخية والثقافية للقصة لفهم السياق بشكل أعمق. اعتمدت أيضًا على
التمارين الصوتية والجسدية لتحسين أدائي، مما ساعدني على الإحساس بالشخصية
وتجسيدها بشكل يلامس مشاعر الجمهور. جلسات النقاش مع المخرج والزملاء كانت عاملًا رئيسيًا
في تعزيز رؤيتي للشخصية وفهم أبعادها النفسية والاجتماعية».
ويضيف «لم يقتصر
اعدادي للدور على النص فقط، بل استعنت بمراجع فنية تناولت شخصيات مشابهة، بالإضافة
إلى تحليل نفسي مكثف للشخصية. ساعدتني خبراتي الشخصية في تقديم رؤية أعمق للجوانب
النفسية والعاطفية التي تربطني بالشخصية، مما جعل الأداء أكثر واقعية. المسرح بالنسبة
لي ليس مجرد وسيلة للترفيه، بل منصة توعوية وتحفيزية، وهو ما أسعى إلى تحقيقه من
خلال تقديم عروض فنية عالية الجودة، وتشجيع الحوار مع الجمهور، وتنظيم فعاليات
ثقافية تدعم الفكرة الرئيسية».
يختتم(التعامل
مع التحديات كان شيئًا ساميًا في رحلة هذا العرض، حيث اعتمدت على تقنيات مثل
التأمل والتنفس العميق لمواجهة الضغوط والانفعالات. كما استفدت من
مهارات التمثيل الداخلي والحركة الجسدية للوصول إلى المشاعر المطلوبة. التعاون مع
زملائي كان مميزًا بفضل التكامل والتواصل الجيد بيننا، حيث أجرينا تمارين جماعية
لتحسين الأداء العام. أما التغييرات التي واجهتنا أثناء العمل، فقد تعاملت معها
بمرونة واستجابة سريعة بالتنسيق المستمر مع المخرج والفريق لضمان تحقيق رؤية موحدة».
يقول المغني أحمد عبد الله «أكثر ما جذبني للغناء في هذه المسرحية هو فكرتها، إذ
تناقش أمورًا رمزية مثل الفراغ الذي يعيشه الإنسان. تُطرح الفكرة من
خلال البراويز والمجسمات، وهو شيء جديد ومختلف بالنسبة لي. في الحقيقة،
الموسيقى والغناء هما الروح التي تمنح المشاهد الإحساس الحقيقي بما يحدث على
المسرح. الأغاني
ليست مجرد إضافة، بل وسيلة لتوضيح المشاعر والتعبير عما قد تعجز الكلمات عن إيصاله».
ويضيف «هناك
تحدي كبير يتمثل في كيفية تحقيق التوازن بين إحساسي كمغني وشخصيتي كممثل. أحيانًا يتطلب
الغناء طاقة معينة، بينما يقتضي التمثيل شيئًا مختلفًا. لذلك، كان عليّ
العمل بجد للوصول إلى شكل يخدم كلا الدورين معًا».
ويكمل «المسرح
الغنائي لديه فرصة كبيرة للعودة بقوة، خاصة إذا عملنا على تطوير الأفكار وربطها
بجمهورنا الحالي. الجمهور دائمًا بحاجة إلى فن قريب منه، والمسرح الغنائي
لديه الإمكانية لتقديم ذلك بطريقة ممتعة وبصرية».
ويشرح «كانت
هناك لحظات صعبة، خصوصًا فيما يتعلق بفكرة البراويز والديكور الذي يتطلب حركات
دقيقة للغاية.
عملنا كثيرًا على التفاصيل لكي تبدو كل حركة طبيعية وفي الوقت ذاته تعبر عن
الحالة التي نريد إيصالها. التغلب على هذه الصعوبات كان بالتكرار والتدريب المستمر
مع الفريق. الجمهور
كان متفاعلًا جدًا، وكان هذا يظهر من خلال اللحظات التي يعيشونها مع الكلمات
والموسيقى. الأغاني
ليست مجرد فواصل موسيقية؛ بل تكمل القصة، وهذا ما يجعل التفاعل أقوى».
ويختتم بقوله «العلاقة بين الفريق كانت ممتازة، وكان هناك روح تعاون قوية
بيننا. كل فرد
في الفريق كان له دور مهم، وكنا نتعلم من بعضنا البعض طوال الوقت. لا شك أن العمل
مع فريق ملتزم بهذا الشكل ساعدني على تطوير أدائي. الأغاني كُتبت
وأُديت بحيث تكون جزءًا لا يتجزأ من القصة، حيث تسلط كل أغنية الضوء على حالة
معينة أو تكشف جانبًا من شخصية أو حدث في القصة. مسرحية فاترينا قزاز مميزة بفكرتها البصرية
ورمزية ديكورها.
بالإضافة إلى ذلك، الدمج بين التمثيل والغناء ليس تقليديًا، ولكنه مليء بالعمق
والتفاصيل التي تجعل كل عنصر يخدم الآخر، مما يخلق تجربة مختلفة للجمهور».
العرض المسرحي "فاترينا قزاز" من تأليف أحمد سمير وإخراج يوسف الشيخ،
ألحان: أحمد عبد
الله، ديكور: محمد
هشام، كير وجراف: أكرم عبدالمنعم، شارك في العرض المسرحي عمرو مصطفى، أكرم
عبد المنعم، عبد الهادي حسني، فضل حسين، فتحي أشرف، زياد حسين، مارفي اميل، چنه
بشندي، فدوى محمد عبدالله، رحيم محمد، أحمد عبدالله.