جاري تحميل ... الفيتشر

مدونة المعافرين في الأرض

إعلان الرئيسية

إعلان في أعلي التدوينة

حكاية

حقيقة احتفال المصريون القدماء برأس السنة وعلاقتهم بـ «شجرة الميلاد»



كتب: أبانوب رفعت

تعتبر الحضارة المصرية القديمة من أقدم الحضارات التي سجلت تاريخًا غنيًا بالاحتفالات والمناسبات الدينية والاجتماعية. وعلى الرغم من أن مفهوم "رأس السنة الميلادية" كما نعرفه اليوم لم يكن موجودًا في مصر القديمة لأن بداية التقويم الميلادي بدأ بميلاد سيدنا المسيح (عليه السلام)، إلا أن المصريين القدماء كانوا يحتفلون بأعياد مرتبطة بدورة الطبيعة والزراعة، ويُعَدُّ المصريون القدماء من أوائل الشعوب التي احتفلت برأس السنة، حيث ارتبطت احتفالاتهم بدورة الطبيعة والزراعة، مما يُعَدُّ جذورًا للاحتفالات السنوية الحالية.

التقويم المصري القديم وأهميته في الاحتفال برأس السنة:

كان المصريون القدماء من أوائل الشعوب التي ابتكرت نظامًا تقويميًا دقيقًا، حيث اعتمدوا على حركة الشمس والنيل لوضع تقويمهم الخاص، وكانوا يقسمون السنة إلى 365 يومًا مقسمة إلى 12 شهرًا، مع إضافة خمسة أيام "نسئية" في نهاية العام.

ارتباط التقويم المصري القديم بالاحتفال برأس السنة:

كان هذا التقويم مرتبطًا بشكل وثيق بالفيضان السنوي لنهر النيل، والذي كان يعتبر حدثًا حيويًا بالنسبة للمصريين القدماء، حيث كان يجدد التربة الزراعية ويضمن لهم موسم حصاد وفير، وبالتالي كان الاحتفال برأس السنة لدى المصريين القدماء مرتبطًا بشكل مباشر بالاحتفال بفيضان النيل وبداية دورة زراعية جديدة.

رأس السنة المصرية القديمة: "إبت رنبت" أو "فتح العام":

كان المصريون القدماء يحتفلون برأس السنة في يوم يعرف باسم "إبت رنبت" أو "فتح العام"، والذي كان يوافق بداية العام الجديد في التقويم المصري القديم، وكانت هذه الاحتفالات تتميز بطابع ديني واجتماعي كبير، حيث كان المصريون يحتفلون بفيضان النيل وبداية دورة حياة جديدة، حيث احتفل المصريون القدماء برأس السنة في "عيد إبت رنبت"، والذي يُترجم إلى "رأس السنة المصرية القديمة"، وفي مدينة طيبة كان الأهالي ينتظرون حلول الشهر الثاني من فيضان النيل لتنظيم احتفالات العام الجديد.

الاحتفالات الدينية المرتبطة بالاحتفال برأس السنة لدى المصريين القدماء:

كانت الاحتفالات الدينية تشكل جزءًا أساسيًا من الاحتفال برأس السنة لدى المصريين القدماء، وكانوا يقيمون طقوسًا خاصة في المعابد لتكريم الآلهة، مثل إلهة الحب والخصوبة حتحور، وإله الفيضان حابي، وكانوا يقدمون القرابين للآلهة ويستعرضون موكبًا مهيبًا للإله آمون رع في معبد الكرنك، وكانت تبدأ الاحتفالات باستعدادات لاستقبال تمثال الإله "آمون" الذي يخرج في موكب مهيب من معبد الكرنك متوجهاً إلى معبد الأقصر، وخلال عيد "الإبت" يتم اصطحاب تماثيل الآلهة "آمون"، و"موت"، و"خونسو" في مسيرة تمتد لأكثر من كيلومترين، في أجواء احتفالية تشبه ما شهدناه مؤخراً في موكب طريق الكباش بالأقصر.
فيديو عن احتفالات طريق للكباش 

أيام النسيء وأهميتها في الاحتفال برأس السنة :

كانت الأيام الخمسة النسئية التي كانت تضاف إلى نهاية السنة المصرية القديمة تحمل أهمية رمزية كبيرة، وكان المصريون يربطون كل يوم من هذه الأيام بولادة أحد الآلهة الكبرى في الميثولوجيا المصرية، وكانت هذه الأيام مناسبة للاحتفالات الشعبية والطقوس الدينية، حيث كان المصريون القدماء يأخذون الخمس ايام إجازة للاحتفال بحلول العام الحديد.

الاحتفالات الشعبية المرتبطة بالاحتفال برأس السنة لدى المصريين القدماء:

إلى جانب الاحتفالات الدينية كانت هناك احتفالات شعبية واسعة النطاق للاحتفال برأس السنة الميلادية، وكان المصريون يزينون منازلهم ويخرجون إلى الشوارع للاحتفال والرقص والغناء، وكانت تقام الأسواق التي تعرض فيها المنتجات الزراعية والحرفية، وكانوا يهنئون بعضهم بجملة "سنة خضراء"، وهذا للتمنى بسنة جديدة تكون فيها الأراضي اكثر خصوبة وإنتاجية، كما أضافت الملكة "كليوباترا" في عهدها معرض للزهور أثناء الاحتفال برأس السنة.

الفلك والحظ والأبراج في احتفالات المصريين القدماء برأس السنة:

كان المصريون القدماء يهتمون بعلم الفلك والأبراج، ومع بداية السنة الجديدة يبحثون عن حظوظهم في العام الجديد، ولكن لم يكن لديهم 12 برجاً فلكياً مثل الآن، لكنهم كانوا مقسمين إلي 36 مجموعة نجمية، كل 10 ايام في مجموعة نجمية واحدة، وكان المصري القديم يرى ارتباط بين القدر والحظ، فكان القدر محدد عن طريق الآلهة عند الولادة، ولكن الحظ مرتبط بسلوك الفرد وتنفيذ تعليمات الآلهة.

رمزية التجديد والخصوبة في الاحتفال برأس السنة:

كان الاحتفال برأس السنة الميلادية لدى المصريين القدماء يحمل رمزية قوية للتجديد والخصوبة، وكان يمثل بداية دورة حياة جديدة، حيث يولد كل شيء من جديد بعد موت الشتاء وعودة الحياة إلى الطبيعة مع فيضان النيل.

دور الملك في الاحتفال برأس السنة:

كان للملك دور محوري في الاحتفالات برأس السنة الميلادية، حيث كان يعتبر تجسيدًا للإله على الأرض، وكان يشارك في الطقوس الدينية ويقود الموكب الاحتفالي، مما يعزز من سلطته ويوحد الشعب.

المعابد كمراكز للاحتفال برأس السنة:

كانت المعابد هي المراكز الرئيسية للاحتفالات الدينية برأس السنة الميلادية، وكان الكهنة يقومون بإدارة الطقوس وإعداد القرابين، وكان الشعب يحضر للاحتفال والتبريك.

الاحتفال بالإلهة إيزيس:

اعتقد المصريون أن إيزيس تبكي على زوجها أوزوريس، ودموعها تؤدي إلى فيضان النيل، لذا كانت الاحتفالات تركز على تقديسها وإقامة الطقوس لها.

التقويم النجمي:

ربط المصريون الاحتفال برؤية نجم الشعرى اليمانية "سيريوس"، الذي يظهر قبل الفيضان مباشرة، ويُعتبر علامة على بداية السنة الجديدة.

الأطعمة التقليدية في الاحتفالات:

وكعادة المصريون الآن أن الاحتفالات ترتبط بالطعام والشراب، أيضاً ارتبط عيد رأس السنة المصرية القديمة بالطعام، حيث حرص المصريون القدماء على تناول "بط الصيد" و"الأوز" المشوي في المزارع، بجانب الأسماك المجففة التي أعدوا أنواعًا خاصة منها خلال الأعياد، وكانوا يشربون عصير العنب بجانب الأطعمة، وسجّلوا مظاهر احتفالاتهم على جدران مقابر النبلاء بجبانة طيبة في البر الغربي لمدينة الأقصر، حيث تُعدُّ هذه المقابر سجلًا تاريخيًا يصوّر كيفية استقبالهم للعام الجديد.

عيد النيروز ورأس السنة المصرية القديمة:

يوافق رأس السنة المصرية القديمة في أيامنا هذه يوم 11 سبتمبر في التقويم الميلادي، ويُعرف اليوم باسم "عيد النيروز" لدى أقباط مصر، حيث تُقام الصلوات والقداسات في الكنائس الأرثوذكسية احتفالًا بهذه المناسبة، ولكن كان المصريون القدماء يحتفلون في شهر يوليو بحسب التقويم الميلادي الآن وكان هذا معاد الإحتفال برأس السنة وليس كما هو الآن عند الأقباط.

الإرث الذي تركه المصريون القدماء في الاحتفال برأس السنة:

على الرغم من مرور آلاف السنين، إلا أن الإرث الذي تركه المصريون القدماء في الاحتفال برأس السنة لا يزال حاضراً حتى يومنا هذا، فقد تأثرت العديد من الحضارات الأخرى بالاحتفالات المصرية القديمة، واعتمدت على العديد من عناصرها في احتفالاتها السنوية، ومثال علي ذلك الأطعمة المرتبطة بالاحتفال برأس السنة حالياً مثل أكل الأسماك، وشرب عصير العنب والمعروف حالياً "بالنبيذ"، وأيضاً الزينة مثل الأشجار، فأول من وضع الأشجار في مظاهر الاحتفال كانوا المصريين القدماء، وهي المعروفة حالياً بإسم "شجرة الكريسماس" او "شجرة عيد الميلاد"

عكس الاحتفال برأس السنة لدى المصريين القدماء إيمانهم العميق بالطبيعة ودورة الحياة والموت، ومثّل فرصة للتجديد والتطهر والبدء من جديد، وعلى الرغم من مرور آلاف السنين إلا أن جذور الاحتفالات الحالية تعود إلى هذه الحضارة العريقة، حيث ترك المصريون القدماء إرثًا ثقافيًا غنيًا بالرموز والطقوس التي لا تزال تلهم العالم حتى اليوم.


الوسوم:

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *